هل تنجح نهاية حرب الأسعار في إنقاذ سوق النفط؟
رحلة عمرها حوالي 35 يوماً ما بين انهيار اتفاق “أوبك +” واندلاع حرب الأسعار وما بين اتفاقية صلح ومحاولة موازنة أسواق النفط وسط تداعيات الكورونا.
وتعود هذه الرحلة إلى أوائل شهر مارس/آذار عندما فشل منتجي الخام الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط والحلفاء من خارج أوبك في التوصل إلى اتفاق لتنفيذ خفض إضافي في إنتاج الخام لمواجهة تأثير تفشي الكورونا على الطلب العالمي؛ بفعل معارضة روسيا.
وقبل انهيار الاتفاق، كانت “أوبك + ” تخفض بالفعل الإمدادات النفطية بنحو 1.7 مليون برميل يومياً منذ بداية 2020 وحتى نهاية الربع الأول.
ورفضت روسيا في الشهر الماضي تعميق خفض الإنتاج بنحو 1.5 مليون برميل يومياً أخرى حتى نهاية الربع الثاني، وهو الأمر الذي تسبب في انهيار الاتفاق، وجاء تحت مبرر “أنه من المبكر للغاية” توقع تأثير فيروس “كوفيد-19” على الطلب.
وبعد إشعال حرب الأسعار الوحشية بين السعودية وروسيا واعتزام كلاهما زيادة إنتاجهما النفطي، تهاوت أسعار الخام بنحو النصف تقريباً في غضون أيام قليلة، مع استمرار ضغط الكورونا على الاقتصادات والطلب.
وقبل أيام قليلة، بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحدث عن وساطة بين الرياض وموسكو من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات وإعادة التفاوض حول خفض الإنتاج النفطي، ما عزز آمال عودة التوازن للأسواق.
وبالفعل، عقدت المجموعة المعروفة باسم “أوبك +” اجتماعاً عبر الإنترنت يوم الخميس الماضي دام لأكثر من 9 ساعات وتوصل في النهاية إلى خفض الإمدادات خلال الفترة المقبلة.
ووافق الأعضاء في أوبك بقيادة السعودية ومنتجي الخام الحلفاء بقيادة روسيا على تخفيضات بنحو 10 ملايين برميل يومياً في الشهرين القادمين، لكن الاتفاقية ظلت مشروطة بموافقة المكسيك.
وفي اليوم التالي، أعلنت وزيرة الطاقة في المكسيك موافقة بلادها على المشاركة في اتفاق “أوبك +” لكن بخفض 100 ألف برميل يومياً فقط في حين أن المنظمة والحلفاء كانوا ينتظرون منها خفضاً قدره 400 ألف برميل يومياً.
وفي محاولة لإنقاذ الموقف، تدخل مجدداً ترامب، حيث صرح رئيس المكسيك بأن الخفض سيبلغ 100 ألف برميل يومياً وأن نظيره الأمريكي سيتحمل خفضاً قدره 250 ألف برميل يومياً كتعويض عن المكسيك.
وكان إنتاج الولايات المتحدة النفطي تهاوى بنحو 600 ألف برميل يومياً في الأسبوع الأخير ليبلغ 12.400 مليون برميل يومياً.
ولم تقتصر مقترحات “أوبك +” على الشهرين القادمين فقط، لكن تم وضع خريطة كاملة على مدى العامين المقبلين حتى نهاية أبريل/نيسان 2022.
ومن جهة أخرى، حث الأمين العام لمنظمة أوبك “محمد باركيندو” دول مجموعة العشرين على المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج بقوله إن “كل منتج للنفط مسؤول عن توسيع هذه العملية”.
وأكد “باركيندو” أن “كوفيد-19” يؤثر على كل شيء في طريقه، وبالنسبة لسوق النفط فإنه فقد أساسيات العرض والطلب في السوق بشكل كامل منذ آخر اجتماع الذي عقد في 6 مارس/آذار.
كما يواصل الرئيس ترامب – الذي دعا إلى زيادة أسعار الخام في تحول تاريخي – جهوده، حيث أفاد البيت الأبيض أنه تواصل مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين من أجل مناقشة تخمة المعروض في الأسواق
ويجدر الإشارة إلى أنه سيتم إعفاء كل من إيران وليبيا وفنزويلا من اتفاق خفض الإمدادات النفطية بسبب العقوبات أو الإنتاج المفقود.
لكن مع ذلك، تخيّم النظرة التشاؤمية على مستقبل النفط، حيث إن خفض إنتاج الخام بنحو 10 ملايين برميل يومياً سيشكل حوالي 10 بالمائة فقط من المعروض الطبيعي للنفط في العالم، وهو أقل بكثير من التقديرات الخاصة بالانهيار الكبير في الطلب في أعقاب أزمة كورونا.
ويقول رئيس أسواق النفط في ريستاد إنريجي “بجورنار تونهاوجين” في تعليقات نقلتها شبكة “سي.إن.بي.سي” الأمريكية إنه بالرغم من أن 10 ملايين برميل يومياً ستساعد الأسواق على المدى القصير لكنه تطور مخيب للآمال بالنسبة للكثيرين الذين مازالو يدركون حجم الفائض من النفط.
ويعتقد كبير محللي النفط في خدمة معلومات أسعار النفط “توم كلوزا” في تعليقات نقلها موقع “سي.إن.إن بيزنس” أن الطلب على النفط قد انخفض بما يصل إلى 20 مليون برميل يومياً، مشيراً إلى أن تخفيضات “أوبك +” غير مناسبة تماماً لتحقيق استقرار الأسعار في فصل الصيف على الأقل.
وفي المجمل، شهدت أسعار النفط تقلبات قوية في الأسبوع الماضي، حيث ارتفعت بشكل حاد مع تكهنات خفض الإنتاج لكنها تهاوت بوتيرة قوية بعدما أحبطت الأسواق بالقرار المتعلق بحجم الخفض الذي سيتم تطبيقه.