اراء و أفكـار

الصحة تعترف : اطباؤنا يهاجرون!

حسين عمران

سمعت وقرأت الكثير من التقارير التي تشير الى ان الأطباء العراقيين العاملين في مستشفيات لندن لو تركوا العمل لتوقفت الخدمات الصحية في تلك المستشفيات ، وهذا دليل اكيد يشير الى حجم الأطباء العراقيين العاملين في لندن أولا ومدى كفاءتهم ومهنيتهم ثانيا .
أقول هذا بعد ان اعترفت وزارة الصحة العراقية بان نحو 20 ألف طبيب هاجروا البلاد مؤخرا الى بلدان تحترم عملهم ومهنيتهم وتمنحهم حقوقهم بعيدا عن التهديدات التي يتلقاها أطباء العراق بين فترة وأخرى.
وزارة الصحة كشفت اهم سببين لهجرة أطباء العراق وهما “الأجور والتهديدات ” !
ربما … التهديدات معروفة للبعض ، نتيجة الاخبار التي تنشر بشكل لافت للنظر عن الاعتداءات والتهديدات التي يتعرض لها أطباء العراق من قبل ذوي المريض أولا ومن قبل الأجهزة الأمنية ثانيا خاصة اذا ما اصيب عنصر أمني بجروح خطيرة بعد انفجار إرهابي وبالتالي ليتوفى خلال علاجه ، حيث يتعرض الطبيب المعالج الى سباب وشتائم وضرب من قبل زملاء العنصر الأمني ، إضافة الى التهديدات العشائرية التي تلاحق الأطباء ودعوتهم الى ” الدكة” العشائرية اذا ما توفي رجل من عشيرتهم تجاوز عمره المائة عام على يد الطبيب متهمين إياه بانه السبب في وفاة رجلهم الطاعن في السن!!
اما أجور الأطباء … فربما لا يعرف تفاصيلها البعض ، اذ ان الطبيب الذي ينهي تعليمه بعد ست سنوات من الدراسة الجامعية ينتظر التعيين في احدى المستشفيات ، ورغم ان العام الدراسي ينتهي في شهر أيلول من كل عام ، فان الطبيب الذي تخرج توا ينتظر إقرار الموازنة لاجل اطلاق التعيينات ، أي في هذه الحالة ينتظر نحو خمسة اشهر لحين إقرار موازنة العام الجديد ، وبعد اعلان الموازنة ينتظر اطلاق التعيينات من قبل وزارة الصحة وتستغرق هذه العملية نحو الشهرين ، ليتم تعيين الطبيب براتب لا يتجاوز الـ “800 ” الف دينار ، واذا ما تم تعيين الطبيب في احدى المحافظات فلكم ان تعلموا كم سيصرف الطبيب المتخرج توا من مصاريف وهو يعمل في محافظة أخرى غير محافظته.
نحن هنا لا نتحدث عن الأطباء الذين يتقاضون كشفية “75 ” الف دينار عن بضع دقائق يقضيها في الكشف عن حالة المريض في عيادته الخاصة ، ولكننا نتحدث عن حالة الأطباء العاملين في المستشفيات والمراكز الصحية حيث يعانون كثيرا من زخم المراجعين أولا ، ومن عدم تفهم المراجعين لعمل الأطباء ثانيا ، ومن الحالة النفسية التي يعانيها الطبيب وسط شحة الادوية وقلة الأجهزة الطبية الحديثة ثالثا .
المريض وذويه يعتقدون ان في يد الطبيب العلاج لكل الامراض ، لذا فهم يريدون شفاء المريض بمجرد زيارته للطبيب وكأنما الطبيب يمتلك عصا سحرية تشفي كل مريض ، والمريض وذويه لا يعلمون ان الطبيب يعاني أيضا من شحة الدواء غير المتوفر في المستشفيات والمراكز الصحية ، ومن هنا غالبا ما يتعرض الطبيب الى اعتداءات وتهديدات نتيجة ذلك من قبل ذوي المريض ظنا منهم بان الطبيب لم يؤد واجبه بالشكل الصحيح .
لكل هذه الظروف سنرى ان آلاف أخرى من الأطباء ستهاجر ما لم تنتبه الجهات المختصة الى توفير الظروف المناسبة للأطباء أولا ، والى تحسين اجورهم ثانيا !!

“المشرق”

مقالات ذات صلة