اراء و أفكـار

تبادل إعلان إسقاط طائرات حربية بين الهند وباكستان

 تبادلت كل من باكستان والهند الأربعاء الاتهامات بإسقاط طائرات مقاتلة تابعة لهما في تصعيد خطير للمواجهة بين الدولتين النوويتين أثار مخاوف من اندلاع حرب شاملة بينهما.
وبهدف نزع فتيل الأزمة، دعا رئيس وزراء باكستان إلى محادثات مع الهند محذراً من العواقب الكارثية المحتملة في حال عدم “تحكيم المنطق”.
وقال في كلمة نقلتها قنوات التلفزيون “هل يمكننا تحمل عواقب أي خطأ في الحسابات مع طبيعة الأسلحة التي لدينا ولديكم؟”.
وفيما سعى الجانبان إلى التقليل من احتمال نشوب حرب، فإن المواجهة الجوية النادرة بين الجانبين في اقليم كشمير المقسم تزيد بشكل كبير من المخاطر التي سببها هجوم انتحاري في الجزء الهندي من الإقليم في وقت سابق من هذا الشهر.
وقالت باكستان في البداية إنها أسقطت مقاتلتين هنديتين في مجالها الجوي وأسرت طيارين، إلا أن المتحدث باسم الجيش ذكر لاحقا على “تويتر” أن باكستان أسرت فقط “طيارا واحدا”.
وطالبت وزارة الخارجية الهندية بـ “الإفراج الفوري والعودة الآمنة للطيار”، داعية باكستان إلى ضمان سلامته.
وأكدت الهند خسارة إحدى مقاتلاتها وإسقاط مقاتلة باكستانية.
وفي إشارة الى تعمّق الأزمة أغلقت باكستان مجالها الجوي “حتى إشعار آخر”، وأغلقت الهند ستة مطارات على الأقل وأغلقت المجال الجوي فوق منطقة شاسعة شمال نيودلهي أمام الطيران المدني.
وصرح الجنرال آصف غفور المتحدث باسم الجيش الباكستاني في مؤتمر صحافي “لا نريد التصعيد، لا نريد الذهاب نحو الحرب”.
وقال غفور ان المقاتلتين الهنديتين تم اسقاطهما بعد ان حلقت الطائرات الباكستانية في وقت سابق عبر خط المراقبة الى الجانب الهندي في استعراض قوة وضربت أهدافا غير عسكرية بينها مستودعات امدادات.
وأضاف ان المقاتلتين الهنديتين عبرتا بعد ذلك خط المراقبة نحو الأجواء الباكستانية. وسقطت إحداهما في الجزء الباكستاني من كشمير، بينما تحطمت الثانية على الجانب الآخر.
ونفى غفور تقارير أولية تحدثت عن اسقاط الهند لطائرة باكستانية، وقال ان التقارير عن اسقاط مقاتلة اف-16 غير صحيحة لأنه لم يتم استخدام هذا النوع من الطائرات في المواجهة.

-“خسارة مؤسفة”
لاحقا أعلن المتحدث باسم الخارجية الهندية راجيش كومار عن اصابة طائرة باكستانية شاركت في عملية “لاستهداف منشآت عسكرية في الجانب الهندي”.
وقال في مؤتمر صحافي “شاهد الجنود الطائرة الباكستانية تسقط من السماء في الجانب الباكستاني”.
وأضاف “خلال الاشتباك خسرنا للأسف طائرة ميغ 21+ واحدة والطيار مفقود. باكستان ادعت انها تحتجزه”.
وبث الإعلام الباكستاني الرسمي شريط فيديو يظهر الطيار الأسير أثناء التحقيق معه.
ويظهر في الفيديو رجل وضعت على عينيه عصابة ويرتدي زي القوات الجوية الهندية، وعلى وجهه دماء، ويداه موثقتان وراء ظهره. وكشف عن اسمه ورتبته ورقمه المتسلسل فيما كان جندي يقوم باستجوابه.
ولاحقا بث الجيش شريط فيديو ثان يظهر الرجل دون عصابة العينين وهو يحتسي الشاي.
وتتالت هذه السلسلة من الأحداث الخطيرة بين البلدين اللذين يشوب التوتر الشديد العلاقة بينهما منذ التفجير الانتحاري الذي وقع في 14 شباط/فبراير في كشمير الهندية وأسفر عن مقتل 40 جنديا.
وتعهدت نيودلهي حينها بالرد وحلقت طائراتها الثلاثاء نحو الاجواء الباكستانية مستهدفة ما قالت إنه معسكر لجيش محمد، المجموعة المسلحة التي تبنت تفجير كشمير.
وكانت هذه الغارة الأولى للهند على أرض باكستانية منذ الحرب التي جرت بين البلدين عام 1971 قبل امتلاكهما اسلحة نووية.
وفي الوقت الذي نفت فيه اسلام اباد ان تكون الغارة الهندية قد تسببت بأي خسائر، فإنها توعدت بسرعة بالرد ما أثار المخاوف من مواجهة كارثية في جنوب آسيا.

-نداء ضد “التصعيد” –
وفي وقت سابق الأربعاء سعت الخارجية الهندية الى التخفيف من حدة الوضع عبر التقليل من أهمية غارة الثلاثاء، وكررت الادعاءات الهندية بأنها كانت هجوما استباقيا ضد “جيش محمد” مع تخطيط الجماعة لهجمات أخرى.
وقالت سوشما سواراج خلال محادثات في الصين مع نظيريها الروسي والصيني “الهند لا تريد أن ترى مزيدا من التصعيد لهذا الوضع”.
ودعت الولايات المتحدة مع الصين والاتحاد الاوروبي الى أن يسود التعقل.
وقال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بعد حديثه الى نظيريه الهندي والباكستاني “نحن نشجع الهند وباكستان على ممارسة ضبط النفس، وتجنب التصعيد باي ثمن”.
كما دعت فرنسا إلى “التهدئة” في كشمير حيث تصاعد التوتر في الساعات الأخيرة، وفق متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية.
وقال المتحدث في تصريح إن “فرنسا قلقة لتدهور الوضع وتدعو باكستان والهند إلى التهدئة” مشيرا إلى “العمليات العسكرية التي جرت على الحدود الهندية الباكستانية” صباح الأربعاء.
دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني البلدين إلى ضبط النفس، وقالت في بيان “نتوقع من البلدين أن يمارسا أقصى درجات ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد في الوضع”.
وحضت الصين الأربعاء الجانبين على “ضبط النفس” والحوار.

-أزمة خان الأولى –
تمثل هذه المواجهة أول اختبار على صعيد الأزمات الخارجية لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي يعتقد انه مقرب من الجيش النافذ في البلاد والذي جاء الى السلطة العام الماضي متعهدا السعي الى اقامة حوار مع الهند.
ونفت باكستان أي علاقة لها بالتفجير في كشمير في 14 شباط/فبراير.
وبينما اتهمت الهند باستمرار جارتها بدعم الجماعات المتطرفة، نفت باكستان بشكل قاطع أي دور لها في الهجمات في الهند وكشمير.
وكشمير الواقعة في الهيمالايا، مقسمة بين الهند وباكستان منذ الاستقلال في 1947، حيث خاض البلدان حربين من حروبهما الثلاثة بسبب هذه المنطقة.
وسابقا عملت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على نزع فتيل التوتر بين البلدين.
وقال معيد يوسف الخبير في المعهد الاميركي للسلام في واشنطن “لو كنت مكان واشنطن لسارعت الى اجراء محادثات هاتفية وارسال اشارات بضرورة خفض التوتر الآن”.
واضاف “مخاطر إطلاق العنان لهذا الأمر حتى النهاية كبيرة جدا”.

“القدس العربي”

مقالات ذات صلة