جيب العدس جيبه
لم تَتوقف سخرية العراقيين وتعليقاتهم الهزلية في صفحات الفيسبوك منذ ان قرر مجلس الوزراء الموقر إضافة نصف كيلو عدس الى مفردات البطاقة التموينية التي ستوزع خلال شهر رمضان المبارك، واعترف ان اكثر تعليق ساخر وصلني عبر مواقع التواصل الاجتماعي هو قول بعض المواطنين بانهم سياخذون حصتهم من العدس لكنهم لن يصوموا!
نعم.. اغلب المواطنين سخروا من هذا القرار واعتبروه “نكتة” اذ كيف لحكومة موازنتها اكثر من 100 مليار دولار “وتتكرم” على مواطنيها بنصف كيلو عدس! هل ارادت الحكومة ان تنال عطف الشعب وهي تقول لمواطنيها بانها تسعى دائما على توفير كل ما من شأنه توفير الرفاهية لشعبها حتى ولو كان ذلك من خلال نصف كيلو عدس!
بعض المواطنين وخلال مواقع التواصل الاجتماعي أطلقوا هاشتاك بعنوان عدس الحكومة يجمعنا.. وذلك للتقليل من أهمية هذا القرار الذي لم تتوقف سخرية العراقيين منه نتيجة الفساد الذي شمل اغلب مؤسسات الدولة ونتيجة المليارات التي تذهب الى جيوب الفاسدين في الحكومة التي اكتفت بتوزيع نصف كيلو عدس لا يكفي لعائلة كبيرة ليوم واحد من أيام شهر رمضان الكريم.
وحينما نتحدث عن “حفنة العدس” مكرمة الحكومة، فلا بد ان نستذكر المسؤول الكبير في وزارة التجارة ذاك الذي تم القاء القبض عليه ليتم صدور قرار بسجنه مدة 21 عاما، لكن تم شموله بالعفو العام ليسافر الى خارج العراق حيث يقيم ومعه المليارات التي حصل عليها من صفقات الفساد.
ومع بداية كل عام يصرح المسؤولون في وزارة التجارة الى انهم سيوفرون مفردات الحصة التموينية من أفضل المناشئ وسيتم توزيعها بشكل منتظم، لكن مع مرور الأيام لم يستلم المواطنون إلا مواد تموينية بأردأ النوعيات كما ان توزيعها يكون متذبذبا، حتى الحصة الإضافية من طحين الصفر “وحفنة العدس” لا يتم توزيعها إلا ما بعد شهر رمضان!.
ونظرا لسوء توزيع مفردات البطاقة التموينية، لذا فان عددا من البرلمانيين دعوا الى استبدال المواد التموينية بمبالغ مالية توزع على المواطنين، إلا أنه غالبا ما يفشل هذا الاقتراح من قبل المسؤولين المتنفذين والمستفيدين من البطاقة التموينية، التي اقتصرت على اربع مواد “سكر وطحين وزيت ورز” بعد ان كانت المواد التموينية تزيد على 10 مواد أيام الحصار الذي بدأت معه توزيع الحصة التموينية في العام 1996!.
الغريب ان خبر توزيع نصف كيلو عدس تم نشره في موقع رئاسة الوزراء وإعلانه بطريقة خبر سار للمواطنين! حيث اعتبر بعض المواطنين ان الحكومة وافقت على هذه الحفنة من العدس وكأنها “منة” منها لمواطنيها الفقراء والذين اعتبرتهم انهم بحاجة الى هذا النصف كيلو من العدس!.
لكني اسأل، ماذا قالت الحكومات العربية والأجنبية وشعوبها وهم يقرأون بأن الحكومة العراقية التي تصدر يوميا نحو أربعة ملايين برميل من النفط وهي تزف خبرا سارا الى مواطنيها من خلال توزيع نصف كيلو عدس؟ بالتأكيد انهم تساءلوا “هل يعقل ان الحكومة العراقية التي تمتلك المليارات من الدولارات ضمن ميزانيتها في كل عام تتكرم على مواطنيها بنصف كيلو عدس؟
حقيقة.. ان الحكومة التي ارادت من خلال توزيع حفنة العدس هذه ان تعتبر ذلك ضمن “إنجازاتها” لكن للأسف النتيجة جاءت عكسية حيث بدأت سخرية المواطنين من هذه المكرمة السخية!.
حينما وصلت الى نهاية “همساتي” وصلني فيديو على الواتساب من قبل احد الزملاء وهو بمثابة مشهد تمثيلي يجسد مسؤولا حكوميا يزور حيا شعبيا في حين يهرول الأطفال خلفه مرددين عبارة “جيب العدس جيبه”!.
حسين عمران
نقلا عن “المشرق”