اراء و أفكـار

مسرحية الحوثي في الحديدة

مرة أخرى يثبت سلوك الحوثيين أنهم لا يرغبون في تحقيق تقدم على مسار السلام في اليمن، فعلى الرغم من أن اتفاق السويد الموقع منتصف الشهر الماضي، الذي يقضي ببناء الثقة عبر حل أزمة ميناء الحديدة، قد فتح باباً للأمل بحل سياسي شامل في كل اليمن، إلا أن الحوثيين عادوا إلى لعبتهم المفضلة، المتمثلة في التنصل من الاتفاقات التي يوقعونها، وكان آخرها الاحتيال على الأمم المتحدة في قضية الانسحاب من ميناء الحديدة عبر خداع فريق مراقبة تابع للأمم المتحدة، إذ إنه عوضاً عن اتباع الخطوات المعززة للاتفاق، أقدموا على ارتكاب فعل أثبتوا من خلاله أنهم غير مؤهلين للحديث عن السلام.
الإجراءات التي اتخذها الحوثيون قبل يومين، وقضت بتسليم الميناء لقوات من خفر السواحل تابعة لهم، كشفتهم أمام المجتمع الدولي تماماً وفضحت ممارساتهم، التي لا تختلف عن سلوكهم خارج الاتفاقات مع الأمم المتحدة، فالخروقات التي قاموا ويقومون بها منذ البدء في تطبيق اتفاق السويد، وآخرها مسرحية انسحابهم من الميناء، تؤكد للمجتمع الدولي أنهم ليسوا جادين في اختبارات السلام، وأن ما يملكونه فقط هو خيار الفوضى والحرب، كما كان ديدنهم منذ انقلابهم على السلطة الشرعية عام 2014، وقبله تمردهم ضد نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
مسرحية انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة باتت مكشوفة، سواء للرأي العام اليمني أو للمجتمع الدولي، وقد أكدت التصريحات الصادرة عن مسؤولين في الأمم المتحدة أن ما حدث كان عبارة عن تمثيلية لم تنجح في خداع الآخرين، حيث أشار الجنرال باتريك كاميرت، رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، المكلف من قبل الأمم المتحدة بتطبيق اتفاق السويد، إلى أن مثل هذه الخطوات لا يمكن أن تكون ذات مصداقية، إلا إذا تمكنت الأطراف الأخرى من التحقق منها.
وقد أعربت الحكومة اليمنية عن رفضها للطريقة الملتوية التي أقدمت عليها جماعة الحوثي بشأن الانسحاب من ميناء الحديدة، معتبرة أن الحوثيين بطريقتهم هذه يؤكدون للعالم صدق ما كانت تذهب إليه السلطة اليمنية، من أن الجماعة لم تف بأي اتفاق وقعته أو التزام تعهدت به.
كان وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش محقاً عندما أشار إلى أن ما أقدم عليه الحوثي بمحاولة التحايل على الاتفاق في الحديدة «توجه مكشوف ويوثق الطبيعة الإجرامية للجماعة أمام المجتمع الدولي»، إلا أنه يرى أنه «في المحصلة هي مناورات يائسة لن تنجح».
في المحصلة النهائية أثبت الحوثي للعالم أنه كان المعرقل الأساسي للعمل الإغاثي والإنساني في اليمن، خاصة بعد أن تأكد الفريق التابع للأمم المتحدة، الموجود في الحديدة، من رفض الجماعة فتح معبر للمساعدات الإنسانية من ميناء المدينة باتجاه المناطق المختلفة لليمن، بينها العاصمة صنعاء، والمساعدة في إزالة مئات الألغام التي زرعتها في الطرق المحيطة بالميناء والمرتبطة ببقية المناطق.

 

“الخليج”

مقالات ذات صلة