القرار 2451.. امتحان جديد
يشكل القرار الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي حول اليمن، الذي يحمل الرقم2451، خطوة جديدة إيجابية على طريق تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في محادثات ستوكهولم يوم 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بين وفدي الشرعية وجماعة الحوثي بشأن مدينة الحديدة وموانئها، لأنه يحدد خطوات التنفيذ وآلياته ويضمن حسن سير العمل في الموانئ والالتزام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه من خلال فريق من الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار بقيادة الهولندي الجنرال باتريك كامبرت الذي وصل بالفعل إلى ميناء الحديدة مع فريقه لمباشرة العمل.
عدا أن مهمة الفريق هي رصد انتهاكات وقف إطلاق النار، فهو مكلف بالإشراف على انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى خلال 14 يوماً، يتبعه انسحابهم من المدينة إلى الأطراف الشمالية خلال 14 يوماً، حيث يتم تسليم الموانئ إلى الطواقم التي كانت تديرها قبل انقلاب الحوثي أواخر 2014، وبموازاة ذلك تقوم قوات الجيش الوطني بالانسحاب قليلاً إلى الوراء بعد أن كانت على مسافة ثلاثة كيلومترات من الميناء. ومن المفترض أيضاً المباشرة بتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى لدى الطرفين خلال الأسبوعين المقبلين بعدما تم تسليم لوائح بأسمائهم إلى الأمم المتحدة.
وإذا كان القرار يمثل خطوة إيجابية أخرى على طريق حل الأزمة اليمنية ووقف الحرب ووضع حد لمأساة ملايين اليمنيين، فهو أيضاً يفتح الطريق لحل بقية القضايا العالقة مثل إعادة فتح مطار صنعاء والتوصل إلى اتفاقات اقتصادية مثل دفع رواتب القطاع العام، وصولاً إلى استكمال خطوات بناء الثقة وإطلاق عملية الحل السياسي على قاعدة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
هذه القضايا من المفترض بحثها في الجولة المقبلة من المباحثات المقررة في جنيف الشهر المقبل حسب المبعوث الدولي مارتن جريفيت، إلا أن تنفيذ كل ذلك رهن حسن النوايا والاقتناع بأن الأزمة اليمنية التي تحولت إلى كارثة وطنية بكل معنى الكلمة «لا حل لها إلا من خلال عملية سياسية شاملة» كما تؤكد القرارات الدولية ومنها القرار 2216. وهذا الأمر مرتبط بشكل أساسي بجماعة الحوثي التي عليها أن تبرهن بأنها تخلت عن أجندتها القاتلة وسلوكها المتناقض تماماً مع طبيعة الشعب اليمني العربي المتوائم مع محيطه وأمته، ويرفض الارتباط بأجندات خارجية مشبوهة كانت في الأصل السبب الرئيسي لخروج الجماعة على الشرعية والانقلاب عليها.
القرار الجديد هو في الواقع امتحان لجماعة الحوثي في الميدان حيث ستكون عيون المراقبين الدوليين شاهدة على مدى صدق الجماعة والتزامها بما تم الاتفاق عليه. وعلى الجماعة أن تثبت لليمنيين قبل الآخرين أن الوقت لم يفت بعد للعودة عن طريق الضلال.
“الخليج”