اراء و أفكـار

الاختلاف في فهم وتطبيق الديمقراطية

د. سعدي الابراهيم

الديمقراطيةُ هي أكثر الكلمات رواجا في العالم، وهي مفخرة الشعوب المتقدمة، وحلم الشعوب غير المتقدمة. ويراهن الكثيرون على انها الحكم الصالح الذي ينبغي ان يسود كل دول العالم. لكن في الوقت عينه، فهناك اختلاف في فمهما وتطبيقها، ومن الممكن ان نبين ذلك، عبر الآتي:
1– فهم الشعوب المتقدمة للديمقراطية: البعض من الشعوب والامم تراها طريقة ومنهجا للارتقاء بالإنسان والحياة نحو الافضل: حكم يقبل مشاركة الناس ولا يحتكر السلطة بيد اشخاص معينين. وتنمية ورخاء اقتصادي يحل مشاكل البطالة ويوفر فرص العمل لكل من يحتاجها. فضلا عن الحريات العامة، حرية الثقافة وحرية التفكير وحرية السلوك، لكن هذه الحرية، بل ان الديمقراطية بشكل عام مشروطة، بعدم الاضرار بالآخرين او المساس بحريتهم.
2– فهم الشعوب غير المتقدمة للديمقراطية: البعض من هذه الشعوب، او لنقل بعض الافراد فيها؛ تنسى ان الديمقراطية منهج للحياة. وتعتبرها فرصة للإفلات من القانون ومن المسؤولية، بل حتى فرصة للخروج على الدين والاخلاق، فنراها ما ان يضعف القانون او ان تمر الدولة بظروف عصيبة حتى تثور على كل شيء، وتمارس كل انواع الخروقات المادية والمعنوية، ومنها ضرب القيم الاخلاقية عرض الحائط. والدليل على ذلك ان البعض من الدول التي تبنت النهج الديمقراطي لم يأت بالنتائج المرجوة منه ولم يحسن من احوال تلك الشعوب، بل بقيت تراوح في مكانها دون اي تقدم حقيقي.
3– طريقة تصدير الديمقراطية من الغرب الى الشرق: الدول الغربية او المتقدمة، يختلف نهجها وطريقة تعاملها مع الديمقراطية، ما بين سياساتها الداخلية وسياساتها الخارجية. ففي الوقت الذي تلتزم على الصعيد الداخلي بحقوق الانسان وتجعل للحرية حدودا يضعها القانون واعراف المجتمع، فأنها على الصعيد الخارجي ليست كذلك، فاغلب عمليات نقل الديمقراطية التي تمت، لم تكن بطريقة سلمية، بل لقد سفكت دماء الشعوب ونهبت ثرواتها، وقسم الكثير منها، وزرعت فيها بوادر عدم الاستقرار. والادلة كثيرة كما هو الحال في العراق، واليمن وسوريا، وليبيا. وحتى في هذه العملية، فأن تصدير الديمقراطية يتم بشكل غير عادل، بحيث تطبق على بعض الدول دون غيرها، وذلك تبعا لطبيعة العلاقات التي تربطها مع الغرب، حتى لو كانت تحكم من قبل انظمة دكتاتورية.
4– النظام والبيئة المحيطة: حتى لو نجح تطبيق الديمقراطية في الدول المتقدمة، فهذا لا يعني بأنها تصلح لكل زمان ومكان، فعملية التدرج الديمقراطي في الغرب، كانت طويلة جدا ومعقدة، بدأت من عصر النهضة والتنوير ولم تنته إلا في القرن العشرين، ولا زالت عملية التطور مستمرة. وبالتالي فأن الشعوب غير المتقدمة تحتاج الى بضعة قرون حتى تصل الى ما وصل اليه الغرب.

“المشرق”

مقالات ذات صلة