شعارات فارغة
اكثر من خمسة عشر عاما ونحن نستمع الى خطب النخب السياسية وهي تتحدث عن الاصلاح والتغيير وترفع شعاراتها في الحملات الانتخابية التي تمجد بأيدولوجياتها وبرامجها وخططها المستقبلية وهناك من يتفاخر بتجربته السياسية الثرة والطويلة خلال حقبة المعارضة للنظام السابق وهناك من يتبجح ويدعي بانه يمتلك مهارات ومؤهلات تجعله مقتدرا على ايجاد الحلول للمشكلات المستعصية التي يواجهها العراق، وهناك من يسرع في تقديم سيرته الذاتية ويعدد الشهادات التي حصل عليها من الجامعات العالمية من اجل لفت الانباه اليه وكسب ثقة الشعب والكتل السياسية المتنافسة والفوز بمقعد في مجلس النواب او الحصول على منصب في السلطة التنفيذية.
وخلال هذه السنوات الطويلة جرب الشعب العراقي الكثير من امثال هؤلاء من دون ان يرى لهم لمسات او حتى محاولات لتغيير الواقع المأساوي في العراق وفي الوقت نفسه لم يكسب من الشعارات الرنانة التي لوحت بها احزاب المحاصصة وتنافست فيها مع شعارات مطبلين ومزمرين لكيانات سياسية ارتدت ثوب الفضيلة والنزاهة وسوقت رزمة من الادعاءات الفارغة من دون ان يجد لها الشعب العراقي اي محتوى او مضمون يمكن ان يغير من واقع مايعيشه من ظروف او يواجهه من تحديات.
وقد بات الشعب على يقين بان هؤلاء الذين لم يملوا بعد هذه السنوات الطويلة من تكرار الادعاءات ولم يتعبوا من رفع الشعارات الزائفة لايخدعون سوى انفسهم وان الملايين من العراقيين باتوا ايضا يسخرون من هذه السلوكيات التي ان دلت على شيء فانها تدل بكل تأكيد على الوضاعة والاسترخاص للكرامات واللهاث وراء المناصب بأية وسيلة وان ممارسة مثل هذه الادوار اصبح مشابها لما يقوم به المتزلفون الذين يلعبون ادوار الاسترزاق على موائد المتخمين ويقبلون بالفتات من اجل ان تبقى اسماؤهم وصورهم في المشهد السياسي مهما كان الثمن وقد آن الآوان كي يتم فضح مثل هذه الادوار وكشف زيف مثل هذه الشعارات التي تدعي الانتماء الى الاصلاح والاصلاح منها براء وتدعي التغيير وهي في الواقع شعارات تخفي وراءها المزيد من الفساد يتحرك اصحابها بشهوة نيل السلطة ونيل المغانم بوسائل الرشى والتهديد والاصرار على تكريس مظاهر المحاصصة وتقاسم السلطة على وفق مبدأ عقد الصفقات في السر والعلن.
د. علي شمخي
“الصباح الجديد”