خطوة فلسطينية منتظرة
في خطوة توقعها مراقبون للشأن الفلسطيني، اتخذ المجلس المركزي الفلسطيني أمس الأول الاثنين، قراراً جريئاً قضى بتعليق الاعتراف بدولة «إسرائيل» ووقف التنسيق الأمني معها، وخوّل منظمة التحرير الفلسطينية متابعة هذا القرار وتنفيذه، وربط القرار عودة الاعتراف ب «إسرائيل»، باعتراف دولة الاحتلال بدولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية، وفق حدود 5 يونيو/حزيران 1967.
لم يكن القرار سهلاً، لكنه لم يكن مقبولاً البقاء بدون موقف، خاصة مع استمرار انتهاك «إسرائيل» للاتفاقيات والتفاهمات التي سبق وأن تم التوصل إليها مع السلطة الفلسطينية خلال السنوات الماضية برعاية إقليمية ودولية، بل إن دولة الاحتلال تمادت كثيراً في إذلال السلطة وإظهارها أمام شعبها بمظهر العاجز، وغير القادر على اتخاذ القرارات الحاسمة تجاه الانتهاكات التي لا تتوقف، وتجسدت بشكل رئيسي في العنف الذي يرتكب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وغيرها من المدن والأراضي المحتلة، الذين يخرجون منذ أشهر في تظاهرات «مسيرات العودة»، تعبيراً عن موقف مناهض لسياسة الاستيطان والحصار وانتهاك الحرمات وغيرها من السياسات التي تتخذها الدولة العبرية لقمع أصحاب الأرض واقتلاعهم من أرضهم.
قضايا كثيرة تراكمت ودفعت بالمجلس المركزي الفلسطيني لاتخاذ القرار الأخير، لعل أبرزها التطورات المتعلقة بقضايا الحل النهائي للصراع العربي «الإسرائيلي»، من بينها بالطبع حق العودة ووقف الاستيطان والاعتراف بفلسطين دولة كاملة السيادة على حدود 67، إذ إنه عوضاً عن ذلك اتخذت «إسرائيل»، وبتشجيع من الولايات المتحدة الأمريكية، قرارات صبت في مجملها باتجاه إضعاف السلطة والرئيس محمود عباس، بل أكثر من ذلك استمرار سياسة الاستيطان، لدرجة أن ملامح الدولة الفلسطينية بدأت بالاختفاء، بعد أن حاصرتها المستوطنات من كل جهة.
ولم يقتصر الأمر على موقف «إسرائيل» وحدها، بل امتد إلى الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، التي ظلت تدعي أنها راعية للسلام، إذ بمجرد وصول الرئيس دونالد ترامب قبل عامين تحولت الإدارة الأمريكية من راعٍ للسلام إلى خصم للفلسطينيين، واتخذت خطوات أكدت من خلالها وقوفها التام إلى جانب «إسرائيل»، خاصة قرارها المثير للجدل المتمثل بنقل سفارتها من «تل أبيب» إلى القدس، وما تلى ذلك من قرارات مجحفة بحق الفلسطينيين، من بينها طرد بعثة منظمة التحرير من واشنطن، ورفع الدعم عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «أونروا»، إضافة إلى موقف معادٍ لفلسطين في المحافل الدولية عبر استخدام «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي لمنعه من إدانة «إسرائيل» بسبب الجرائم التي ترتكبها بشكل يومي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
السؤال المطروح هو ماذا بعد تعليق الاعتراف الفلسطيني بدولة «إسرائيل»، وهل يمكن لهذا القرار أن يمنع السياسة «الإسرائيلية» المتبعة في التعامل مع السلطة؟.
الأمر يبدو صعباً على الفلسطينيين وعلى قيادتهم، لكن من المؤكد أن الموقف يعيد خلط الأوراق من جديد، ويلقي بظلاله على التحركات التي كانت قد بدأت لعقد ما صار يعرف ب«صفقة القرن»، التي صارت في مهب الريح.
“الخليج”