اراء و أفكـار

حكومة عبد المهدي…. تمرير التشكيلة المرتقبة والتحدي الأكبر

فرهاد علاء الدين

مع كثرة الاجتماعات المغلقة مؤخرا والمكرسة للبحث في تشكيل الحكومة الجديدة وتوزيع الحقائب الوزارية للكتل السياسية ومن ثم ترشيح الوزراء من قبل هذه الكتل تمهيدا لقبولها من قبل رئيس الوزراء المكلف عادل عبدالمهدي، تتصاعد حمى سباق حقيقي حول الظفر بالوزارات التي تلبي تطلعات هذه الكتلة او تلك فضلا على سعي الجميع لضمان الحصول على بعض المناصب المهمة والحيوية، هذا بأستثناء كتلتي سائرون والفتح اللتين خولتا رئيس الوزراء المكلف باختيار الاشخاص المناسبين للوزارات المقررة لهما طبقا لأسحقاقيهما الأنتخابي .

الملاحظ هنا أن ثمة اتفاق عام على ابقاء الحقائب الوزارية كما هي أي ٢٢ وزارة مع أمكانية أضافة حقيبة وزارية جديدة لشؤون المحافظات، وبهذا قد تكون التشكيلة المرتقبة مؤلفة من ٢٣ وزيرا أضافة الى رئيس مجلس الوزراء، الى جانب ذلك هنالك أصوات تطالب بعدم استحداث موقع لنائب رئيس مجلس الوزراء مع تسمية بعض الوزراء كنواب لرئيس مجلس الوزراء مثل نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الطاقة وآخر للاقتصاد وثالث للتنمية والاعمار. كما بات التوجه واضحا حيال توزيع الحقائب على النحو الآتي ٩ وزارات لكتلة الاصلاح والاعمار و ٩ وزارات لكتلة البناء و ٣ وزارات للكتل الكوردية ووزارة واحدة للمكون المسيحي، في حين سيحصل المكون التركماني على استحقاقه الوزاري ضمن الحصتين المقررتين لكلا الكتلتين.

وبذلك يكون توزيع الحقائب الوزارية وهو الحلقة الأصعب في مساعي التشكيل الحكومي قد اقترب من نهايته ليتنفس عبد المهدي الصعداء أثر تخطيه للمرحلة الأكثر تعقيدا من مهمة التكليف مع انتهاء المدة الدستورية، مما دفعه للتلويح بأمكانية تقديم موعد الأعلان عن كابينته الموعودة.

ويرى مراقبون ان تأخير تشكيل الحكومة لا يخدم احدا عدا الطامعين بالمناصب والذي سيمنحهم الوقت الكافي للضغط على الكتل السياسية لتغيير أو أستبدال المرشحين بمن يرغبون وفقا لمصالحهم ورغباتهم، لذلك يرون أي المراقبين بأن على عبد المهدي الأسراع بتقديم كابينته الوزارية للبرلمان لينتهي من هذا المارثون ويباشر مهامه بوقت مبكر في معالجة سلسلة الأزمات التي تعصف بالبلاد على شتى الأصعدة والمستويات. ووضع برنامجه الحكومي موضع التطبيق.

▪تمرير الحكومة ٠٠٠

هناك من يعتقد بأن الحكومة القادمة يصعب تمريرها برلمانيا وسيكون هناك استهداف لعدد من المرشحين الذين تم تداول اسمائهم علنا، ولكن قد يكون هذا الاعتقاد في غير محله كون رئيس مجلس الوزراء المكلف جاء بتوافق شبه تام بين الكتل السياسية الكبيرة والذي يستمد قوته من ضغط الشارع العراقي والمرجعية الدينية فضلا على الحث الأقليمي والدولي بأعتبار أن امام العراق تحديات كبيرة و حقيقية.

الى ذلك ترى بعض المصادر البرلمانية بأن مجلس النواب سوف لن يعارض هذه التشكيلة و لن تجرأ أية كتلة سياسية كبيرة كانت أم دونها حجما على أبداء معارضتها، ولكن قد لايحصل بعض المرشحين على تصويت ودعم هذه الكتلة أو تلك مما يفرض على رئيس مجلس الوزراء المكلف ان يذهب للبرلمان باكثر من مرشح لكل حقيبة وزارية كأجراء استباقي لهذا الأحتمال الغير مستبعد.

هناك بعض المراقبين يبدون تشاؤمهم حيال أمكانية نجاح هذه الحكومة وهذا التشاؤم مرده أن الكتل السياسية رفعت يدها عن الاستحقاقات كونها تعلم ان الحكومة لن تنجح في اداء مهامها،،، لكن هذا الأعتقاد بدوره بعيد عن الواقع لأن الاوضاع الخدمية و الاقتصادية و الامنية و التنموية في عموم البلاد بأدنى مستوياتها، وأن أي حكومة تأتي ببرنامج و تعمل بحرص على تنفيذه لابد لها أن تحقق من النجاحات مايبدد مثل تلك القناعات السوداوية. وفي هذا السياق تؤكد مصادر مقربة من رئيس الوزراء المكلف بأن عبد المهدي لديه رؤية كاملة عماهو مطلوب لاداء مهامه و سوف يستعين بكل من يدعمه لأنجاز مهمته برغم كل الصعوبات التي تعتريها.

▪التحدي الاكبر …

لعل من أكبر التحديات التي ستواجهها الحكومة القادمة هي فرض الولايات المتحدة الامريكية لعقوباتها الأقتصادية على أيران في ٥ تشرين الثاني ٢٠١٨، والتي ستفضي الى فرض حصار مشدد على مبيعات النفط ومشتقاته وصناعة السيارات وغيرها، وسيضيق الامريكان الخناق على الدول والشركات والأفراد في هذا الصدد.

والعراق لايستثنى من هذا الخناق، لذا يتوجب على الحكومة الجديدة ان تقوم بتبني هذا الملف الشائك على نحو حذر ودقيق ويتوافق مع المصالح السياسية والأقتصادية المشتركة للأطراف الثلاثة. وللعراق كما هو معلوم حدود مع الجارة أيران تمتد لما يقارب ١٢٠٠ كيلومتر و هناك روابط دينية وقومية ومذهبيه وتأريخية بين البلدين، وقد ساعدت ايران العراق في اوقات المحنة خصوصا في مواجهة تنظيم داعش، كما أقدم الشعب الايراني من قبل على ايواء النازحين العراقيين من الهاربين من بطش النظام السابق خلال العقود الماضية. الى ذلك فأن الجميع يعلم ان الحصار الاقتصادي القادم سيعرض الشعب الايراني الى مزيد من التداعيات على الصعيد الأنساني.

في ذات الوقت نجد العراق بحاجة متنامية لتعدد وتنوع الأمدادات الأيرانية المهمة في قطاعات الطاقة والسلع والمنتجات والمعدات المتنوعة الأستخدامات، بمعنى اخر، العراق اليوم بحاجةالى أدامة زخم التعامل مع ايران لتلبية احتياجاته الضرورية، وليس العكس لذلك لن يكون بمقدوره تطبيق العقوبات.

وفي هذا الأطار صرح عدد من المسؤولين الامريكيين بأن على العراق الاستجابة لمتطلبات العقوبات المفروضة على ايران اي انه غير مستثنى، اي ان العراق تخاطر بشملها بالعقوبات في حال تعاملت مع ايران بدون تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة الامريكية.

لتفادي التآثيرات السلبية للحصار الاقتصادي، يتطلب من الحكومة الجديدة العمل على ما يلي:

١- السيادة العراقية و الحفاظ على المصلحة الوطنية العراقية يجب ان تكون الاولوية الاساسية و التزام جانب الحياد في التعامل مع ملف العقوبات القادمة ضرورة قصوى.

٢- يجب أن لايدخل العراق طرفا في المواجهة الأقتصادية الوشيكة كما كان شأنه في المواجهة السياسية بين كلا الطرفين المتصارعين مهما كلف الامر، فليس من مصلحة العراق ولوج ساحة صراع بين قوتين كبيرتين في المنطقة.

٣- تشكيل لجنة وزارية رفيعة المستوى لغرض التعاطي مع هذا الملف المهم، في حين يتولى رئيس الجمهورية مهمة التعامل مع الأدارة الأمريكية في هذا المضمار بالتنسيق الكامل مع رئيس مجلس الوزراء

٤- تشكيل لجنة فنية من المستشارين و المختصين من رئاستي الجمهورية و مجلس الوزراء و المؤسسات ذات العلاقة لدعم جهود اللجنة الوزارية وأمدادها بالمشورة الفنية والسياسية والقانونية، والبحث في أمكانية أيجاد السبل و الطرق العملية للتعامل مع موضوع الحصار مع حفظ المصلحة العراقية اولا. وبمشاركة سفير العراق في كل من واشنطن وطهران.

٥- التفاوض مع الولايات المتحدة الامريكية في واشنطن بشكل مباشر لاستثناء العراق من الحصار والدفع بالمسوغات المبررة لهذا الأستثناء وعلى قاعدة التعامل مع المملكة الأردنية الهاشمية والاستثناء الذي حصلت عليه من مجلس الأمن الدولي خلال سنوات الحصار الأممي المفروض على العراق في عقد التسعينات من القرن الماضي.

٦- التعامل مع ايران كونها جارة صديقة و لديها مصالح مهمة في العراق كما للعراق ذات المصالح في أيران، والعمل معا للحفاظ على هذه المصالح ضمن اطار المنافع المشتركة و احترام كل طرف لسيادة الطرف الإخر.

٧- التوجه نحو المجتمع الدولي وفي مقدمته دول الأتحاد الاوربي وباقي الدول الصديقة لتوحيد وتنسيق المواقف السياسية والانسانية من موضوع الحصار و الحد من تآثيراته وتداعياته السلبية على الشعب الايراني.

▪ استدراك …
ان الصراع الايراني – الامريكي في المنطقة يعد من اهم الصراعات في المستقبل القريب وسوف يعرض الحصار الامريكي القادم المنطقة برمتها الى خطر محدق، واذا لم يسعى العراق الى النأي بنفسه عن حلقة الصراع الجديدة و التزام جانب الحياد، قد يصبح ساحة لصراع لاناقة له فيه ولاجمل، ولن يكون بمقدوره مستقبلا التأثير على مسار الاحداث، وبالتالي يتحول الى ضحية لهذا الصراع ويدفع ثمنا يتخطى حدود التوقعات والتكهنات.

مقالات ذات صلة