«حزب الله» وتعطيل لبنان
هل يمكن أن تؤثر عملية وضع «حزب الله» في قائمة الجماعات الإجرامية العابرة للحدود التي أصدرتها وزارة العدل في الولايات المتحدة الأمريكية قبل يومين، في الأوضاع المتأزمة في لبنان؟ أم أن أجندة الحزب كافية لعرقلة أي حل سياسي يمكن أن يقود إلى استعادة البلاد عافيتها، إثر الهزات التي تعرضت لها خلال الفترة القليلة الماضية، وأدت إلى شلل في أداء الحكومة، على الرغم من نجاح القوى السياسية والطوائف الدينية المختلفة من اجتياز عقبة انتخاب ميشال عون رئيساً توافقياً في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي؟
يبدو أن التحذير الذي أعلنه سعد الحريري، المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة قبل أسبوعين، من تدهور الوضع الاقتصادي في البلد، لم يحقق المطلوب منه، فالخلافات الداخلية لا تزال تزيد من تفاقمه، وبدلاً من الانشغال في إيجاد طريقة لإنقاذ لبنان من حالة الشلل الذي يعيشه، تتسابق الأحزاب والكتل والتيارات السياسية والطائفية لعرقلة خروج الحكومة إلى النور، إذ إنه على الرغم من نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، التي شهدها لبنان في مايو/ أيار الماضي، وأفرزت توازنات سياسية وبرلمانية جديدة، فإن المشهد ازداد سوءاً بدلاً من أن يتحسن، ما أعاق تشكيل الحكومة، التي توقع الحريري أن يتم الإعلان عنها قبل 10 أيام، وهي فترة تجاوزت التوقعات، وصار تشكيلها على المحك.
والسؤال هو: كيف يمكن ل»حزب الله» أن يساهم في تبديد المخاوف التي تسود الأوساط اللبنانية في عدم تحكمه في مشهد تشكيل الحكومة، وعرقلة ولادتها، وأهمها تسهيل عملها في حالة تشكلت ب»عملية قيصرية»، خاصة أن الحزب ظل على مدار الأعوام الماضية يتحكم في إفشال الحلول السياسية عبر ما يعرف ب»الثلث المعطل»، وقد يزيد وضعه في قائمة الجماعات الإجرامية العابرة للحدود من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، من التأزم أكثر، ويقود لبنان إلى مزيد من الانقسامات.
مع ذلك، فإن التفاؤل بقرب الإعلان عن الحكومة الجديدة تعززت فرصه أمس بعد تحركات متسارعة نشطت بين القوى السياسية المختلفة، لوضع اللمسات الأخيرة لتشكيلة الحكومة، خشية أن تذهب التطورات الأخيرة بالجميع إلى مربع الصفر، وهناك احتمالات أن يعلن عن الحكومة في أي وقت، بحسب مصادر مقربة من سعد الحريري.
من الواضح أن هناك رغبة في تجاوز الأزمة السياسية والاجتماعية التي يمر بها لبنان، وتسود آمال في أن تعود البلاد إلى سكة التوافقات الصحيحة، على الرغم من حالة الاستقطابات الإقليمية التي يمر بها لبنان، خاصة مع استمرار التعطيل الذي يقوده «حزب الله»، فالمخاوف من عدم الاستقرار في البلاد تبدو منطقية، خاصة أن التوازنات الطائفية التي اعتاد اللبنانيون على اتباعها في كل تسوية سياسية، هي التي تعصف بالبلد ،وخياراته، وقراره الوطني المستقل، وهي التي تتحكم في المشهد الذي يعيشه لبنان منذ عقود طويلة.
نقلا عن “الخليج”