الأمن أولا
لايمكن فصل ملفات الدولة السياسية والامنية والاقتصادية عن بعضها وحتى تحيا المجتمعات في اية دولة لابد من التكامل بين هذه الملفات حتى يمكن القول ان مسارات التشريع والتنفيذ في اتجاهاتها الصحيحة ويصعب تمييز وتقديم الاهمية بين الامن والاقتصاد والسياسة ولكن اذا كان لابد من ذلك فان ملف الامن يتقدمها وهو بمنزلة الدعامة التي يمكن للاقتصاد ان يستند اليها ومن خلالها يمكن قطف ثمار الاستقرار السياسي والانطلاق نحو مثابات اخرى تقوي وترسخ اسس الدولة بكل عناوينها الاخرى وفي العراق كانت التجربة قاسية في تثبيت معالم الامن واذا جاز لنا توصيف الحالة الامنية منذ سقوط النظام السابق وانشغال السلطات الامنية بمواجهة عصابات الاجرام وعصابات الارهاب فاننا يمكننا القول ان الامن المفقود سمة وظاهرة لازمت البلاد خلال حقب متنوعة عانى فيها المواطنون في شتى المدن العراقية وتعثرت فيها جهود الحكومات المتعاقبة في ملاحقة الخارجين عن القانون من الذين اعتاشوا على الفوضى الامنية وغياب الرادع القانوني وغياب الحزم وتسللوا في ظلمة الفساد والارهاب وعبثوا بمقدرات البلاد ومارسوا ابشع الجرائم متناغمين مع العصابات الارهابية التي تموضعت داخل بغداد والمدن العراقية الاخرى وازهقت ارواح الاف الابرياء على مدى الخمس عشرة سنة الماضية ومع استعادة العراق لقدراته القتالية والانتصار في معركة تحرير اراضيه من الارهاب والدعم الكبير الذي تلقته الاجهزة الامنية في وزارة الداخلية والاجهزة الاخرى المعنية بالامن الوطني ومع التطور الكبير الذي حصل في اداء الجيش العراقي يمكن القول ان مسؤولية الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية اصبحت مضاعفة من اجل تثبيت الامن واشاعة الامان في شوارع العراق وان النكوص والتراجع في مثل هذه المهمات يبعث بعلامات التعجب والدهشة ويفسح المجال مجددا لعودة الظلاميين لارتكاب المزيد من الجرائم وماتشهده محافظة البصرة ومحافظة بغداد من تصاعد كبير في معدلات الجريمة مهما كانت اسبابها يفقد الثقة بالمؤسسة الامنية وتتحمل الحكومة الجزء الاكبر من المسؤولية في تعقب النشاطات الاجرامية وايقاف التدهور الامني الخطير المتمثل بانتشار السلاح وحيازته من قبل عصابات منظمة ومجرمين قتلة واستهدافهم في وضح النهار لشخصيات عراقية بعناوين مختلفة من دون ان تكون هناك سرعة في القبض على المجرمين مما فتح الباب واسعا لبث الشائعات والتكهنات بوجود جهات متواطئة تريد لملف الامن ان يكون ملفا ساخنا في المرحلة المقبلة قد يستهدف من ورائه منتفعون وحاقدون في تحقيق مكاسب سياسية على المستويين الداخلي والخارجي.
سلام مكي
“الصباح الجديد”