قبة التغيير !
مهمة الاصلاح والتغيير ليست منوطة بطرف واحد من اطراف الدولة العراقية والحديث عن رئيس وزراء جديد مستقل تكنوقراط جرى التوافق على اختياره من قبل الكتل السياسية ليس كافيا للقول ان التغيير حصل والحديث عن ترك اختيار الوزراء لرئيس الوزراء وحده ليس كافيا ايضا والتصريحات والشعارات بضرورة الابتعاد عن نظام المحاصصة لايمكن التصديق بها من دون ان تتجسد على ارض الواقع بسلوك سياسي داخل قبة البرلمان يتحلى به رؤساء الكتل وممثلو الشعب باقصى درجات الوطنية ويمارسون فيه الايثار والترفع عن العناوين في شتى الدرجات والمناصب من اجل الدفع بالمخلصين والكفوئين والنزيهين لتولي المسؤولية داخل السلطة التشريعية والتنفيذية ومتى ماشهدنا مثل هذا السلوك ومثل هذا الاداء امكن الاطمئنان بان ثمة تغييرا يحصل في العراق يمكن ان يقودنا الى الاصلاح الكبير ومن المؤكد ان انتظار مثل هذه الممارسات الايجابية لن يكون سهلا للكثير من ممثلي الشعب العراقي الذين حازوا شرعية تمثيل ابناء محافظاتهم فالكثير من هؤلاء لربما سيصطدمون مع نزعات وايدلوجيات قادة بعض الاحزاب والكتل السياسية وهناك منهم من هو غير مؤهل للعب مثل هذا الدور الوطني وتنقصه الشجاعة للمضي بهذا الطريق وهناك من هو مستسلم لاغواء السلطة والمنافع المالية التي يمكن ان تجلبها له وهناك من تتحكم به عقد الطائفية ويتماهى مع المصالح الاقليمية والتدخلات الخارجية وفي كل الاحوال فان قبة البرلمان هي المكان الحقيقي التي سنرى من خلالها مشاهد التغيير الحقيقي في العراق وستنعكس مثل هذه التغييرات على بقية مفاصل المنظومة السياسية برمتها فبرلمان فاعل وقوي سينتج لنا حكومة قوية يمكنها ان تحظى بثقة البرلمان نفسه ويطمئن لها الشعب العراقي فيما لو سمح لها قادتنا الاقدار الى استنساخ التجارب السابقة لبرلمان تتنازع فيه المصالح الحزبية وتتدافع فيه الاهواء الطائفية فاننا بالتأكيد لن ننجومن النتائج السلبية الناجمة عن هذا التنازع وهذا التدافع وسيجد رئيس الوزراء الجديد واعضاء حكومته من الوزراء الحجج الكافية للتعكز عليها لتبرير اخفاقهم او تباطئهم في اداء واجباتهم وسيعود الجميع الى مظاهر الشلل واليأس والقنوط من امكانية تصحيح المسارات وتعديل الاعوجاج وتقويم الاخطاء ..قبة البرلمان هي مصنع التغيير الحقيقي .
د. علي شمخي
“الصباح الجديد”