اراء و أفكـار

ظاهرة أطفال الشوارع في العراق

د. سعدي الابراهيم

تهتم الدول بالطفولة وترعاها، لا بدافع الغريزة الانسانية فحسب، بل لأن الاطفال هم شباب الغد، والشباب هم العمود الفقري في كل دولة، و من دونهم لن يكون المستقبل مستقرا او زاهرا.
لكن القاعدة اعلاه قد يسهل تطبيقها في ايام الرخاء والوفرة الاقتصادية والاستقرار السياسي، وتفشل الدولة في تحقيقها عندما تمر بحالة عدم الاستقرار والمشاكل العامة والازمات الخانقة.
لا يحتاج المرء الى الكثير من التمحيص كي يكتشف ان العراق فيه مشكلة باتت واضحة للجميع، وهي تتمثل بوجود عدد كبير من الاطفال في الشوارع، يقومون بأعمال لا تتناسب مع اعمارهم ولا مع مستوياتهم العقلية والبدنية، مثل التسول، او المسح على زجاج السيارات، او غيرها، وكلها اعمال الهدف منها الحصول على الاموال. هذه المشكلة هي ليست عبثية او مبهمة، بل تقف خلفها اسباب متعددة، من الممكن ان نبين اهمها عبر الآتي:
1 – الفقر والبطالة:
صحيح ان البعض يتخذ من التسول مهنة له، حتى لو كان قادرا على القيام بأعمال غيرها، بل حتى لو لم يكن محتاجا، لكن الغالبية العظمى من الاطفال هم من عوائل فقيرة، ليس لها مصدر ثابت للدخل، اما بسبب موت المعيل أو مرضه أو عجزه، واما بسبب عدم توفر فرص العمل الكريمة التي عبرها يوفر قوت عائلته اليومي.
2 – غياب العدالة الاجتماعية:
عندما تكثر الازمات وتتراكم، تصبح مقدرة الدولة على رعاية كل الفئات اقل، لذلك يكون التركيز على فئة واهمال او نسيان فئة اخرى، بالأخص تلك التي لا تعرف او لا تستطيع ان ترفع صوتها وتطالب بحقوقها، ومنها فئة الاطفال، فهؤلاء يجدون من الانتشار في الشوارع بحثا عن المال، اسهل من ان يبلغوا الحكومة باحتياجاتهم ومطالبهم ، وفي الوقت عينه تتغاضى الجهات الحكومية المسؤولة عنهم، وتركز على الذين يمتلكون ادوات الضغط لتحصيل حقوقهم .
3 – التخلف عن الدراسة :
فضلا عن الدور التربوي الذي تقوم به المؤسسات التعلمية، فهي مثل الاب والام ينبغي ان تعرف كل شيء عن احوال التلاميذ . فأنها في الوقت عينه تزود التلميذ بالوعي والادراك الذي يساعده في ايجاد فرصة العمل المناسبة لعمره وعقله، لكن عندما يترك الاطفال مدارسهم، سوف يخسرون كل الايجابيات التي من الممكن من ان توفرها لهم المدرسة، بوصفها بيتهم الثاني.
ان علاج مشكلة اطفال الشوارع تتطلب من الحكومة القادمة القيام بعدة آليات، ومن بينها :
1 – احصاء عدد الاطفال المنتشرين في الشوارع .
2 – معرفة الاسباب التي تدفعهم للقيام بهذه الاعمال .
3 – تكليف مجالس المحافظات بإيجاد حلول مستعجلة لهذه الظاهرة ، تكون جذرية وليست وقتية، مثل ايجاد فرص دائمة لأولياء امورهم .
4 – رسم سياسة عامة طويلة الأمد لحل هذه الظاهرة.

“المشرق”

مقالات ذات صلة