إنهم يغتالون الجمال!
حسين عمران
ربمَا، وفي خضم الصراع على منصب رئاسة الجمهورية، وانشغال البرلمان بتوزيع النواب على لجانه، مرّ خبر اغتيال ملكة جمال بغداد، ووصيفة ملكة جمال العراق تارة فارس مرور الكرام، إلا من بعض التعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي.
وهنا يحق لنا ان نتساءل: لماذا بعض عراقيي ما بعد 2003 يكرهون الجمال؟.
هذا الكره والحقد الذي دفع البعض الى “اغتيال” الجمال ، أينما كان، لا لشيء إلا لأنه شيء جميل، لكنه مكروه عند أولئك الحاقدين على الجمال.
اكتب كلماتي هذه بعدما رأيت فيديو عن عملية اغتيال تارة فارس يوم الخميس الماضي في شارع مزدحم حيث يسير القاتل بكل راحته واطمئنانه نحو سيارة القتيلة، لينفذ جريمته بكل راحة. فكيف تمكن القاتل من تنفيذ جريمته من دون ان يمسك به المواطنون أو الأجهزة الأمنية؟!.
اغتيال تارة فارس، دفعني للتذكير بحادثي وفاة خبيرتي التجميل رفيف الياسري ورشا الحسن، وذلك خلال أسبوع واحد ما اثار الكثير من التساؤلات حول أسباب الوفاة برغم ان الياسري والحسن في ريعان شبابهما!.
نتساءل: هل الجمال عامة وجمال المرأة خاصة “حرام” عند بعض عراقيي ما بعد 2003؟.
نسأل ذلك، ونحن نستذكر دعوات البعض إلى إغلاق مدرسة الموسيقى والباليه، وإلى إغلاق أقسام الفن في معهد الفنون الجميلة، وذلك طبعا بعدما نجح البعض من فصل “الطالبات” عن الطلاب في معهد الفنون الجميلة!، كما نجح هذا البعض في إلغاء مهرجان بابل الدولي الذي كان يشهد تقديم فرق فنية عربية وعالمية عروضها على مسارح مدرجات مدينة بابل الاثارية.
ومرة أخرى نسأل: لماذا البعض يكره كل شيء جميلاً؟.
وحينما نتحدث عن اغتيال الجمال في العراق، فلا يسعنا إلا ان نتذكر “اغتيال” شارع الرشيد الذي تحول الى مخازن للأدوات الاحتياطية، بعدما كان عامرا بالمحالّ التجارية والمقاهي الأدبية، وكذلك الحال مع شارع النهر، ومع شارع أبو نواس، الذي كان مكانا جميلا تقضي العوائل العراقية أجمل اوقاتها فيه، من خلال الكازينوهات التي تطل على نهر دجلة، في حين تحول اليوم الى مكان شبه مهجور يرتاده أصحاب السوابق، خاصة وقت الليل.
ولمن عنده شك عن جمال بغداد، أدعوه للبحث عن صور شوارع بغداد الجميلة والزاهية ما قبل العام 2003 ، في حين تحولت بغداد بعد العام 2003 الى رابع أسوأ مدينة في العالم من حيث الخدمات!.
نعم سيستمر اغتيال الجمال من قبل وحوش الظلام ما دام السلاح المنفلت لم يزل بيد العصابات الاجرامية التي لم تتمكن الأجهزة الأمنية من الإمساك بها، سيستمر اغتيال نساء العراق من قبل أعداء الحب والإنسانية!.
الطريف، ان وزارة الداخلية وبعد كل جريمة قتل، تدعي أن لجنة مختصة تم تشكيلها لمعرفة ملابسات الحادث، وحقيقة استغرب من عمل هذه اللجنة المختصة التي تريد ان تعرف “ملابسات الحادث “، برغم ان الحادث واضح وهو جريمة قتل!.
وتختتم وزارة الداخلية بيانها في كل مرة بأن اللجنة المختصة ستبحث عن الجناة لتقديمهم الى العدالة لينالوا جزاءهم!.
لكن، لم نسمع يوما انه تم القبض على الجناة أو نالوا جزاءهم!، وخاصة أولئك الذين يغتالون الجمال!، إذ كل جرائم القتل تسجل ضد مجهول، ولا نعرف متى يصبح القاتل معلوما!.
“المشرق”