اراء و أفكـار

المحاصصة منهجاً لإدارة الدولة العراقية

د. سعدي الابراهيم

تختارُ الدولُ ما يناسبها من انواع الانظمة السياسية، وفي الوقت عينه يتخذ النظام السياسي كل ما من شأنه ان يحقق اهدافه، ويسهل عليه ادارة الدولة، وضمان استقرارها، وفي حال اكتشف النظام السياسي ان الطريقة التي يتبعها في ادارة الدولة لا تنسجم ومصلحة الشعب، ولا تخدم عملية استقراره، ففي هذه الحالة يتراجع عن النهج المتبع، ويسير في طريق آخر.
العراق عام 2003، اتخذ من النظام الديمقراطي نظاما للحكم، بعد أن كان يخضع للحكم غير الديمقراطي، لكنه في نفس الوقت جعل من الديمقراطية التوافقية، التي تعني ان يتم كل شي عبر توافق المكونات المجتمعية ورضاها، من خلال اعطاء كل جهة سياسية تمثل مكونا معينا حصة من النظام السياسي، او ما يعرف بالمحاصصة. هذه الطريقة في الحكم قد سمحت لكل المكونات بالمشاركة السياسية، فارتفع صوت القوميات والأديان والمذاهب، وصار لكل منها قوى سياسية كثيرة ومتعددة، بعضها يشارك بالحكم بشكل مباشر، وبعضها بشكل غير مباشر.
ان السماح لكل انسان في العراق بالمشاركة في حكم بلاده، هو امر جيد وينسجم مع روح العصر ومع النظام الديمقراطي الذي اتخذته البلاد طريقة للحكم فيها. لكن المشكلة تكمن في كيفية إدارة الدولة، إذا كان لكل مكون همومه وأهدافه، وساسته الذين يرون أن مصلحة جماهيرهم تتحقق بطرق تختلف عن مصالح بقية المكونات؟!، وبالتالي فقد صارت المحاصصة تؤثر سلبا في النظام السياسي وانسيابية عمله ، فأصيب بالتلكؤ والصراعات الجانبية التي تهدف لنصرة هذا المكون أو ذاك، وفي اغلب الاحيان تكون الصراعات على حساب الهوية الوطنية العراقية ومصلحة الدولة.
ومما زاد من مخاطر المحاصصة وتأثيراتها السلبية، انها لم تبق محصورة في الحكومة والبرلمان فحسب، بل انها سرت إلى كل مؤسسات الدولة في البلاد.
لكن، كما اشرنا أعلاه، لا يوجد شيء حتمي في النظم السياسية، النظام الذي يكتشف بأنه قد سار في طريق لا يؤدي الى تحقيق مصلحة الشعب، هو غير مجبر على الاستمرار فيه، ومن الممكن التراجع عنه، أو اصلاحه، ولعل الطرق الاتية، هي الكفيلة بالتخلي عن المحاصصة او التراجع عنها:
• التحول الى النظام الرئاسي:
ربما ان التحول الى النظام الرئاسي عبر اخذ موافقة الشعب عليه، سيخلص العراق من المحاصصة، على اعتبار ان الرئيس سيكون اعلى سلطة وهو منتخب من قبل الشعب، وبالتالي حتى لو حتى تغلغلت المحاصصة في المناصب الادنى منه فأنها لن تؤثر، كون الرئيس هو الأمر الناهي.
• التغيير في طبيعة الأحزاب الحاكمة:
ويتم ذلك عبر انفتاح الاحزاب على كل المكونات، وتغيير اهدافها وتوجهاتها، من نصرة المذهب او القومية الى نصرة كل العراق.
• الرجوع الى الشعب:
ان تقوم النخبة المؤمنة بالقضاء على المحاصصة، بالبحث عن الاسناد الشعبي لهذا الهدف.

“المشرق”

مقالات ذات صلة