من يحمي الشعب الفلسطيني؟
من جديد، رفعت «إسرائيل» البطاقة الحمراء في وجه المجتمع الدولي، وقالت «لا» لحماية الشعب الفلسطيني.
هذا التحدي الذي يمثل ذروة الغطرسة والاستهتار بالشرعية الدولية أعلنه داني دانون مندوب «إسرائيل» الدائم لدى الأمم المتحدة، الذي ردَّ على تقرير أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس الذي يتضمن أربعة مقترحات لحماية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة من العنف «الإسرائيلي».
دانون ردَّ بوقاحة متناهية زاعماً أن «الحماية الوحيدة التي يحتاجها الفلسطينيون هي من قيادتهم»، وأضاف: بدلاً من اقتراح وسائل لحماية الشعب الفلسطيني من «إسرائيل»، على الأمم المتحدة تحميل القيادة الفلسطينية مسؤولية الاستمرار في تعريض حياة شعبها للخطر.
هو أراد أن يغسل يديه ويدي دويلته من الجرائم والآثام التي تُرتكب يومياً بحق الشعب الفلسطيني، من قتل وحصار ومصادرة أراضٍ واستيطان وتدمير منازل وحقد وكراهية وممارسات عنصرية، ويحمِّلها للشعب الفلسطيني وقيادته. أراد أن يقول للأمم المتحدة إن كل قراراتها وتقاريرها لا تعني «إسرائيل» ولا تساوي الحبر الذي تُكتب به، لأن «إسرائيل» تعتبر نفسها فوق القانون الدولي والشرعية الدولية وكل ما يصدر عنها. وأراد أن يقول للعرب إن هذا هو موقف «إسرائيل» بلا لفّ أو دوران، وإن كان بإمكانكم تبديله فافعلوا!
يدرك دانون بؤس الموقف العربي وما وصل إليه من حالٍ مزرية وهوان وارتهان وبحث يائس عن أية تسوية للقضية الفلسطينية، فراراً من تحمّل أعبائها ومسؤولياتها.
ويدرك المندوب «الإسرائيلي» أن المنظمة الدولية بقدر ما هي مسؤولة عن حماية الأمن والسلم العالميين وحماية الشعوب المظلومة من بطش الأقوياء، إلا أنها تقف عاجزة عن مواجهة القوة الغاشمة التي تمثلها الولايات المتحدة التي تقف بالمرصاد لأية محاولة تستهدف «إسرائيل» وحملها على الانصياع للشرعية الدولية. لأن دانون يعرف كل ذلك، فإنه لا يتوانى عن ازدراء مقترحات الأمين العام للأمم المتحدة التي تتضمن «تعزيز الوجود الميداني للأمم المتحدة، ونشر مراقبين لحقوق الإنسان وللشؤون السياسية لتقييم الأوضاع في الأراضي المحتلة، ونشر قوة شرطة أو قوة عسكرية بتفويض من الأمم المتحدة تكون مهمتها توفير الحماية المادية للمدنيين الفلسطينيين». هو يزدريها لسبب بسيط، هو أنها تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن، وهو أمر مستحيل، لأن «الفيتو» الأمريكي يقف بالمرصاد لأية محاولة من هذا القبيل.
بهذا المعنى، فإن «إسرائيل» مصرَّة على المضي في التنكيل بالشعب الفلسطيني وممارسة أبشع الجرائم بحقه، ولا يهم إن كان الضحايا من الأطفال والنساء والشيوخ، فتاريخها القريب والبعيد حافل بالمجازر وجرائم الحرب، ما دامت تلقى الدعم والتأييد والحماية من الولايات المتحدة وغيرها.
أما من يحمي الشعب الفلسطيني، فتاريخ الصراع مع هكذا عدو يؤكد أن هذا الشعب الذي دفع مئات آلاف الشهداء سيواصل المسيرة ولن يثنيه عجز دولي أو تخاذل عربي. وهو يعرف أكثر أنه يواجه صراعاً وجودياً.
“الخليج”