اراء و أفكـار

حكومة محاصصة أم ماذا ؟

حسين عمران

وأخيراً، انتهى ماراثون الانتخابات البرلمانية التي وصفها المختصون بأنها أطول انتخابات في العالم، إذ لم تعلن نتائجها إلا بعد 89 يوما على اجرائها.
الخميس الماضي أعلنت نتائج الفرز اليدوي، وصباح امس الاول الجمعة بدأ المشككون توجيه اتهاماتهم الى المفوضية من القضاة المنتدبين متهمين إياها بالتزوير، وهنا سيكون امام المعترضين ثلاثة أيام فقط لتقديم طعونهم، وسيكون امام المحكمة الاتحادية عشرة أيام للنظر بتلك الطعون، ثم ستكون مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج، وحينها سيكون أمام مجلس النواب مدة 15 عاما لانعقاد جلسته الأولى برئاسة الأكبر سنا، ليتم انتخاب رئيس الجمهورية، الذي عليه تكليف الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة، وهنا ستبدأ المساومات من جديد مرة أخرى!.
نقول: كل الكتل السياسية “تدعي” انها ضد المحاصصة، وتدعو الى محاربة الفساد، وتطالب بوزراء تكنوقراط أكفاء، يأخذون على عاتقهم تقديم الخدمات الى المواطنين.
حسنا، كل ذلك شيء جميل، لكن لو فرضنا ان الكتلة الأكبر “تشكلت” برغم ان “ماراثونها” لم يزل مستمرا، ولم يتم حتى الآن تسمية الكتلة الأكبر، لكن لنفرض تمت تسمية الكتلة الأكبر، وتمت تسمية رئيس الوزراء، والذي عليه خلال شهر واحد تشكيل كابينته الوزارية لتقديمها للبرلمان لأجل الموافقة على الوزراء.
لكن، قبل تقديم رئيس الوزراء كابينته الوزارية يكون قد أمضى أياما طوالا من المباحثات والاجتماعات والمساومات، نعم مساومات مع الكتل السياسية الباحثة عن نصيبها من الوزارات والمناصب الأخرى، إذ حين يجتمع رئيس الوزراء مع الكتل السياسية التي لها عدد جيد من النواب تحت قبة البرلمان سيكون إرضاؤها من قبل رئيس الوزراء صعبا، إذ عليه منحها ما يرضيها من مكاسب وإلا….!.
نقول: وإلا فإن هذه الكتلة السياسية ستوعز لنوابها بعدم الموافقة على الكابينة الوزارية، وهنا سيكون الفشل من نصيب رئيس الوزراء، وبالتالي سيكون امام الكتلة الأكبر تقديم رئيس وزراء جديد يكون “مرنا ومتعاطفا” مع الكتل السياسية المتنفذة من خلال منحها ما يرضيها من مناصب لضمان موافقة نوابها على الكابينة الوزارية، التي ستكون بالتأكيد قد شكلت من خلال مبدأ المحاصصة، شئنا أم أبينا!.
اذن، لا تصدقوا من يدعي انه ضد المحاصصة، إذ لو كان هذا الادعاء صحيحا لما تأخر تشكيل الكتلة الأكبر الى الآن. وهذا يذكرني بادعاءات الكتل السياسية نفسها التي تنادي،جميعها، بأنها ضد الفساد وضرورة محاسبة الفاسدين برغم ان كل تلك الكتل لها وزراء ومسؤولون في الحكومة.
إذن في هذه الحالة يحق لنا ان نتساءل: من الفاسد اذن؟!، إذا الكتل السياسية المشاركة في الحكومة تنادي بمحاربة الفساد، ولها وزراء فاسدون في الحكومة، وحينما يتم استجوابهم تحت قبة البرلمان بتهم الفساد يكون نواب تلك الكتلة من أشد المدافعين عن وزيرهم الفاسد، وهذا شيء طبيعي لأنه، أي الوزير الفاسد، يمنح حزبه (نسبة) من كلفة المشاريع التي تنفذها وزارته!.
اختتم همساتي قائلا ان كل حكومات ما بعد العام 2003 بنيت وشكلت وفق مبدأ المحاصصة والشراكة والتوافق السياسي الذي كان وما زال سبب تدمير العراق وجعله رابع دولة عالميا من ناحية الفساد، وفي الأيام المقبلة سيتم تشكيل الكابينة الوزارية وفق مبدأ المحاصصة أيضا، وحينها سيكون لنا حديث آخر!.

نقلا عن “المشرق”

مقالات ذات صلة