اراء و أفكـار

ما بعد الانتخابات، هل بالامكان اعادة بناء الثقة؟

بانتهاء عملية العد والفرز، أُعلنت النتائج النهائية للانتخابات.. ونقترب من عملية التصديق عليها.. والدعوة لانعقاد مجلس النواب، التي يمكن ان تكون بعد عيد الاضحى المبارك بفترة قصيرة. فما هي الاستنتاجات، وهل هناك فرصة لاعادة بناء الثقة؟
1- تمت عملية العد والفرز من قبل الهيئة القضائية وليس المفوضية، وباشراف اممي وداخلي كبيرين، فكانت مطابقة لحد كبير للنتائج التي اعلنت بعد فترة قصيرة من انتهاء الانتخابات.. وبدون قرائن جديدة، يمكننا القول ان العملية سليمة لحد كبير، على الاقل منذ القاء الورقة في الصندوق الالكتروني وتسجيلها ونتائجها الكترونياً.. وان معظم التزوير سيحصل بالتأثير على الناخبين قبل التصويت، او بعملية التسجيل النتائج والتلاعب بها بنقل بعض الاصوات، او باصوات الخارج التي جرت وفق الطريقة القديمة. وهذه استنتاجات ان صحت يجب ان تدرس جيداً ليتم تلافيها، خصوصاً والكلام يجري عن اقتراب انتخابات كردستان والمحافظات.
2- قد تعيد العملية بعض الثقة بالانتخابات.. وسيكون بالامكان اعلان النتائج خلال ساعات، اذ اعلنت النتائج الاولية لهذه الانتخابات في 13/5، اي بعد يوم واحد من الانتخابات.. وجاءت مطابقة بنسبة 98% للنتائج الحالية، مما سينهي المجهول الكبير الذي يبرز كلما اجرينا الانتخابات.. وسيكون بمقدورنا مستقبلاً التصور ان الحكومة قد تعلن في حدود التوقيتات الدستورية. فلا نعاني من فراغ تشريعي، خصوصاً اذا ما جرت الانتخابات قبل 45 يوماً من حل البرلمان.. ولا نضطر للذهاب لحكومة تصريف اعمال.
3- مجموع الناخبين 10.840989 مليون حسب المفوضية، وهذه يصعب تزويرها (باستثناء الخارج، حوالي 1%).. فاحتسبت نسبة المشاركة 44،52% وهي اقل من الدورات السابقة، وقد يكون السبب.. أ) احباط الجمهور بعد تكرار التجارب الفاشلة، خصوصاً في مجال البطالة والخدمات وبناء الدولة.. ب) عدم استكمال توزيع البطاقات الالكترونية، فكانت 71% في العام و86% في الخاص، اضافة لعوامل اخرى فنية وتنظيمية وامنية وادارية. ستسهل معالجة الامر الثاني، اما الاول فهو اصعب ويتطلب خطوات ستأخذ بعض الوقت.
لإعادة الثقة بشكل افضل لابد من سلسلة امور، في مقدمتها نجاح الحكومة في تقديم الخدمات، والحد من معدلات البطالة.. اضافة لسلسلة امور تشريعية وتنظيمية، ومنها:
1- تغيير النظام الانتخابي: يقارن البعض النظام الحزبي والانتخابي الحالي بدول كثيرة اخرى.. متناسياً ان المقارنة هنا تهتم بالشكل وتهمل المضمون.. فالاحزاب هناك احزاب منفتحة على جمهورها وتجاوزت مرحلة المعارضة واصبحت احزاب دولة من حيث بناء كوادرها ومناهجها وممارساتها.. فهناك انفتاح كبير من الاحزاب على الجمهور، الذي له مساهمات في المناهج واحياناً كثيرة انتخاب القيادات والمرشحين.. وهذه ممارسات غائبة عندنا، دون ان ننكر بعض المحاولات الخجولة. فشهدنا هذا التباعد بين الاحزاب والجمهور في الانتخابات والاحتجاجات الاخيرة.. ولابد ان يشعر الجمهور ان المرشحين الفائزين قد فازوا باصواته، ليتحمل هو مسؤوليتهم، والخيار الانسب في هذه الظروف هو فوز اعلى الاصوات في الدائرة الواحدة.
2- الكتلة الاكبر: لم يفز خلال الانتخابات الاربع الماضية، اي من الاحزاب بِعُشر المقاعد البرلمانية تقريباً، وكانت الصفقات والاتفاقات اللاحقة هي الامر الحاسم لتشكيل الحكومة وليس الانتخابات. فلابد اذن من تعديل قانون الانتخابات، او تفسير المحكمة الاتحادية لضمان ان تكون الانتخابات وثقل راي الناخبين هو الأهم في مسارات تشكيل الحكومة.. فتكون الكتلة الاكبر هي الكتلة الفائزة التي ستعرض عليها رئاسة الوزراء. مما سيدفع القوى للائتلاف في برامجها ومرشحيها قبل الانتخابات ليحظى ائتلافهم بقصب السبق. وسنضمن –لحد معقول- بقيام قوائم عابرة، والانتهاء من المحاصصة، وتشكيل حكومة الاغلبية السياسية، واستبعاد القوائم والمرشحين الضعفاء، ودور اساس للشعب والناخبين في تشكيل الحكومة، وفق التوقيتات والسياقات الدستورية.
3- التعديلات الدستورية: طرحنا مراراً اهمية وضع صندوق للتعديلات الدستورية لتسهيل عملية التعديل والاستفتاء. فيقر مجلس النواب التعديلات، ويستفتى عليها قبولاً او رفضاً مع كل انتخابات، فنوفر المرونة اللازمة للدستور.
عادل عبد المهدي

مقالات ذات صلة