مضيق هرمز والتهديدات الإيرانية
سلطان حميد الجسمي
إن التهديدات الأخيرة التي أطلقتها الحكومة الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز في حال إقدام واشنطن على حظر صادرات النفط الإيرانية لا تخرج عن دائرة الاستعراض واستفزاز المجتمع الدولي، الذي يرى أن إيران اليوم هي السبب الرئيسي في خلق التوتر في الشرق الأوسط، والمناورات الأخيرة في الخليج العربي ومضيق هرمز ليست سوى مناورات استعراضية، تريد إيران من خلالها أن تظهر للمجتمع الدولي أنها قوية وصامدة، وتستخدم بعض الباحثين السياسيين للترويج لهذه الدعايات عبر التحليلات غير الموضوعية، وهي وجهات نظر بعيدة عن الواقع.
أما في أرض الواقع فإن إيران متخبطة ومشتتة خارجياً وداخلياً، ولا تستطيع التجرؤ على إغلاق مضيق هرمز ولا عرقلة حركة النفط فيه، لعدة أسباب، أهمها أن إيران منهكة تماماً داخلياً بسبب سوء الحالة الاقتصادية المزمنة، وتشهد عدة محافظات احتجاجات مستمرة بسبب ارتفاع الأسعار وانهيار سعر العملة ونقص إمدادات المياه والكهرباء وتدني مستوى المعيشة، وكل هذا قبل بدء فرض العقوبات الجديدة ضد إيران، فهي تفقد قوتها الداخلية والخارجية، فكيف لها أن تغلق مضيق هرمز بعد كل هذا؟! وإن حاولت بالفعل إغلاق مضيق هرمز فسوف يكون ذلك ضرباً من الجنون بكل المقاييس من نظام الملالي الإيراني.
لن ولم تكن إيران يوماً ما لاعباً رئيسياً أو فرعياً في تغيير التوازنات في الشرق الأوسط، بسبب ضعفها في إدارة الأزمات الخارجية، وإغلاق مضيق هرمز لو فكرت فيه إيران فسيكون ذلك بمثابة كارثة سياسية أخرى سوف تخلقها مع المجتمع الدولي، وتزيد من وتيرة العقوبات عليها، وسوف تكون في موقف حرج أمام العالم، بل ستكون هي الخاسر الأكبر من ذلك. إذ يعتبر مضيق هرمز اليوم من أهم الممرات الملاحية العالمية التي تربط الخليج العربي بالمحيط الهندي ثم بالقارات الأخرى، وتمر به ناقلات النفط والغاز، والمساس به يؤثر على الأسواق العالمية.
يتمتع مضيق هرمز اليوم بحماية دولية كبيرة، وعلى إيران معرفة حجمها الحقيقي، فهي لا تستطيع مواجهة دول الخليج العربي ولا المجتمع الدولي، فالمضيق هو ممر عالمي استراتيجي، وتشمله القوانين الدولية للبحار والمياه الدولية، فالتهديدات الإيرانية ليست سوى فقاعات صابون.
إيران لم تستفد من تجارب الدول الأخرى والأنظمة التي سقطت، وهي الآن في تصادم مع العالم جميعا. فالنظام الإيراني من أكبر داعمي وممولي الإرهاب في الشرق الأوسط، ويحلم بالتوسع الجغرافي، إلا أن المجتمع الدولي مطلع تماماً على أعمال إيران التخريبية في المنطقة والعالم، وإذا تمادت أكثر فالعقوبات الدولية سوف تدمر ما تبقى من النظام الإيراني، وتنزع الثقة الاقتصادية العالمية من قبل حلفاء إيران تجاهها، والذين يمثلون القوى الأكبر لإيران اقتصادياً، وهم بمثابة الداعم الرئيسي لاقتصاد إيران، وإذا تم نزع الثقة فإن النظام الإيراني سوف يسقط خلال أيام بسبب سحب الاستثمارات التي تستفيد منها إيران سواء في الداخل أو الخارج.
وتشهد إيران اليوم في محافظاتها احتجاجات مستمرة ومتزايدة، بسبب ارتفاع موجة الأسعار وانهيار سعر العملة ونقص إمدادات المياه والكهرباء، والشعب الإيراني اليوم متيقن جدا من ذلك، وبالأخص مع ثورة مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك فالأولى بإيران أن تهتم بشؤونها الداخلية، وأن تتوقف نهائياً عن تصدير الإرهاب والأزمات إلى دول المنطقة، وبالأخص دول الخليج، وأن تكف يدها عن اليمن والعراق وسوريا وغيرها من الدول. فقد وضع المجتمع الدولي إيران تحت المجهر، والعقوبات القادمة أكبر إذا لم تغير إيران من سياستها الخارجية، وتخضع للمواثيق والقوانين الدولية.
نقلا عن “الخليج”