اراء و أفكـار

من أجل بغداد خضراء

شامل عبد القادر

لا أعتقدُ أن مشروعاً كتكثيف زراعة سياج أخضر لمدينة بغداد مكلفاً لأمانة بغداد أو محافظتها ولا أظن أن تخصيص يوم واحد لزراعة مليون شجرة في بغداد أو حولها مكلفاً للخزينة المركزية فقد كان الملك فيصل الثاني وعبد الكريم قاسم يقومان سنوياً بزراعة آلاف الأشجار حول بغداد وفي قلبها حتى تحولت العاصمة إلى رئة صحية كبيرة تطرد غاز الكاربون وتدفع بالأوكسجين إلى صدور البغداديين!.
إن تشجير بغداد قضية ملحة جداً لمواجهة العواصف الترابية والغبار كما أنه يساعد على زيادة الأوكسجين وتخليص العاصمة من التسمم البيئي.
في بعض البلدان العربية ومنها سوريا – قبل تخريبها وتدميرها – كان الناس يزرعون في بالكونات بيوتهم وشققهم، وكان المواطنون في كركوك قبل 1958 يزرعون طين سطوح بيوتهم بالزرع الأخضر، واستمرت حملة تشييد المتنزهات وزرع الأشجار في كل عام حتى قيام انقلاب 8 شباط 1963 حيث أهمل برنامج التشجير إلى الأبد وما زاد الطين بلة أن القوات الأمريكية المحتلة أسهمت بشكل مباشر في قتل الأشجار وأعدمت المئات من أشجار الكالبتوس التي زرعت على طول طريق شارع مطار بغداد الدولي من أجل حماية أجواء بغداد من الغبار والرمال إلا أن الأمريكان الأوغاد فضلوا قطع الأشجار وأعناق العراقيين من أجل سلامة الجندي الأمريكي المحتل!
بغداد تحتاج بل في أمس الحاجة إلى رئات خضر وواحات خضراء ومتنزهات وزراعة ملايين الأشجار من أجل أكبر حصة من الأوكسجين وتنظيف العاصمة من التلوث البيئي وهل في كل هذا خسارة للدولة؟!
لا يعد تشجير بغداد خسارة أبداً ومن الممكن أن يسهم المواطن في إنجاح هذا المشروع من خلال تأسيس فرق من المتطوعين من طلاب الاعداديات والثانويات والكليات لإنجاز الحملات التطوعية لتنفيذ مشروع تشجير بغداد.. هذا المشروع على مدى عشر سنوات مقبلة يعطي أكله وثماره الطيبة وتتحسن الحياة إلى حد كبير في بغداد.. وبغداد اليوم مختنقة تماماً فأنقذوها من هذا الاحتباس المقصود أو غيره فليس أمامنا إلا تنفيذ مشاريع التطوع وهو أسلوب حضاري تمدني يتم في أرقى العواصم في العالم وإشارة لإسهام المواطن في حماية مدينته وقريته.
لقد حان الوقت لزج المواطن في العمل المثمر والمنتج بدلاً من إرسال العراقيين للقتال في بلاد ليست بلادهم مهما كانت المسوغات.. هل يريد البعض أن يعيد إلى الذاكرة (أيام السفر بر العثمانية السيئة الذكر)؟!
التفتوا إلى بناء العراق أولاً وأخيراً وتخلوا عن هذه المظاهر المؤذية للروح والنفس.. دعوا العراقيين يتمتعون بحياتهم وآمالهم ومستقبلهم.. لا تخنقوهم بالحروب والحروب بالنيابة فلا أحد في هذا العالم يستحق أن أموت من أجله أنا العراقي البائس المدمر المهشم منذ عام 1980 حتى يومنا هذا!.
أرواح العراقيين ليست تجارة وليست سوق نخاسة أو سوداء.. ابعثوا في أرواحهم الأمل بدلاً من اليأس والإحباط.. امنحوا الحياة لونها الأخضر الزاهي ودعونا من كل لون أحمر بلون الدم!.
تكفي العراقيين سنوات الحروب العبثية وداعش والطائفية.. دعوا العراق يزرع أشجار الحب والمحبة.. دعوا بغداد والعمارة والناصرية ودهوك والموصل وغيرها مدناً عامرة بالحياة والأشجار والازدهار.
ادفنوا تجار الحروب والموت في أقرب مقبرة للأزبال!.
دعوا بغداد تتنفس..
دعوا العراق يتنفس بأكبر رئة.

“المشرق”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً