اراء و أفكـار

مرة اخرى.. العربات حل امني واقتصادي واجتماعي

منذ بدء العمليات الارهابية في 2003 ونحن نطالب بايلاء مسألة حركة الاليات الحكومية والاهلية اهتماماً خاصاً، واقترحنا سلسلة من الاجراءات خصوصاً مع تطور وسائل التعقب الالكترونية والانتشار الواسع لاستخدام الـGPS (Global positioning system) “نظام تحديد المواقع” والتي يمكنها بسهولة تعقب حركة العربات وغيرها. وسبق ان تفاوضنا في وزارة النفط وتلقينا عروضاً مغرية، واقيمت لنا تجارب عملية للسيطرة على استهلاك الوقود بالبطاقة الالكترونية.. كما حاولت مؤسسات امنية تطبيق هذه الانظمة وبدأت بها فعلاً. ولكن للأسف توقفت جميع هذه الجهود، ليس بسبب عدم الجدوى او ارتفاع الكلف بل بسبب الخلافات دون ان استبعد المصالح المتضادة. فبقينا على اساليب السيطرة اليدوية والبشرية، رغم كلفها واثارها ونتائجها السلبية.. أ) كلف مادية كبيرة من الملاكات، والمنشآت، والسكانرات، وكاشف المتفجرات السيء الصيت، و”الكي ناين” (الكلاب المدربة)، وكلها مما يشيع الفساد والرشاوى دون ان يحقق النتائج المطلوبة.. ب) كلف غير مباشرة في الوقود والوقت والتأخيرات والمصالح الخاصة والعامة ونقل البضاعة والافراد.. ج) تقدر قيمة السيارات في البلاد بـ190 مليار دولار، دون حساب التكاليف الاخرى كالحوادث والطرق والادوات الاحتياطية.. وتستهلك يومياً 20 مليون لتر من الوقود باثاره المادية والبيئوية والصحية.. د) يستطيع الارهاب والجريمة السياسية والاجتماعية اختراق هذه السيطرات بكل بساطة، بينما يتحمل المواطنون تبعات هذه الاجراءات.
1- ان السيطرة على العربات ستكون عاملاً حاسماً لمنع الارهاب وغير الارهاب. والدليل انه كلما اردنا السيطرة الكاملة على الامن اعلنا منع تجول العربات. فالعربات هي وسيلة نقل الارهابيين والاسلحة والخطف والسيارات المفخخة. وهي ايضاً وسيلة العصابات المسلحة في الجريمة السياسية والاجتماعية. وان للسيطرة على حركة العربات اثاراً اقتصادية واجتماعية وبيئية عظيمة ستساعد بدورها في فرض القانون والامن والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية.
2- لقد دحرنا الارهاب في العمليات الجبهوية والمفتوحة، فكان تحرير الموصل اخر العمليات الكبرى لهزيمة دولة “الدواعش”.. لكن “داعش” واية مجموعة تريد خلخلة الامن في البلاد تستطيع ايذاءنا كما حصل مؤخراً في صلاح الدين وكركوك وديالى واختطاف اعداد غير قليلة من المواطنين وقتلهم صبراً، او القيام بتفجيرات في عدة مناطق بما في ذلك العاصمة بغداد، ووسيلتهم الاساسية العربات.
3- هناك تفكير الان باغلاق جميع منافذ العاصمة وابقاء 8 منافذ فقط.. آملنا ان الامنيين يعرفون ما يقومون به، وانهم لا يكررون اخطاء الماضي. فما زلنا نعتقد انه يجب إعادة العمل في السيطرة على حركة العربات عن طريق “الباجات” لكل عربة مهما كان نوعها. ولاشك ان هناك شروط محددة لنجاح هذه التجربة: أ) ان تتعاون جميع المؤسسات لتبني هذا النظام، وليس كما حصل عندما اريد فرض النظام فاعترض البعض لاسباب مختلفة، لا تخلو بعضها من فساد، ولا تخلو من مشاكل فنية يجب حسمها.. ب) في حالة سرقة اية عربة فيجب على مالكها التبليغ عنها فوراً لتؤشر كعربة مشبوهة، وفي حالة عدم التبليغ، واستخدمت العربة استخداماً غير قانوني، يقع صاحب العجلة تحت طائلة المسؤولية التي يقررها القانون. والامر نفسه عند سفر المواطن فعليه التبليغ لاتخاذ الاجراءات المناسبة لتتكامل العملية بكافة ابعادها.. ج) لاشك ان تدريب مئات الفنيين في غرف المراقبة والرصد الالكتروني، هو اسهل واقل كلفة واكثر امناً وسلامة من الاعداد الهائلة من الافراد الذين يقومون باعمال السيطرة بوسائل بدائية يتدخل فيها العامل البشري القابل للتلاعب والاستغلال.
4- قدر “مجلس بغداد” مرة عدد السيارات بـ10 مليون، لكن التسجيل الرسمي يشير ان عددها في نهاية 2017 هو حوالي 5.8 مليون عربة.. منها 115 الف حكومي، و5.66 مليون اهلي بضمنها 1.316 مليون في كردستان. ومن مجموع سيارات العراق هناك 3.5 مليون سيارة خصوصي، و1 مليون اجرة، و1.4 حمل، و211 دراجات نارية، تستهلك 20 مليون لتر/يوم من الوقود.. وان في بغداد بمفردها 2.1 مليون سيارة، تليها اربيل بـ617 الف سيارة والسليمانية والبصرة بـ 474 الف، و289 الف على التوالي، وهكذا.

عادل عبد المهدي

مقالات ذات صلة