هل نقف حقاً على عتبة تشكيل الحكومة الجديدة؟
بعد انتهاء مدة الدورة التشريعية لمجلس النواب في الاول من تموز، واتفاق جميع الاطراف، ونقصد بها “المفوضية العليا” و”اللجنة القضائية” و”المحكمة الاتحادية” على العد والفرز الجزئي للصناديق التي قُدمت او ستقدم عليها الشكاوى، وبدأت اللجان بالعد فعلاً، بات بالامكان عملياً رؤية الضوء لمخرجات العملية الانتخابية. فالصناديق المطلوب اعادة فرزها تشكل اقل من 3% من مجموع الصناديق، وقد تنجز بمقياس الايام وليس الشهور. فان تم ذلك، فان النتائج سترسل للمحكمة الاتحادية للتصديق، وهذه –دون مشاكل اخرى- ستقاس بالايام ايضاً.. ليبدأ العد التنازلي لرئيس الجمهورية لدعوة مجلس النواب الجديد، والتي قد تتطلب اسبوعين وكحد اقصى 30 يوماً. هذا من جانب السياقات الشكلية. ويعلم الجميع ان التباطؤ او الاسراع في المواعيد يحكمه الامر الاهم وهو الجانب الحقيقي للمخرجات. فمن هي الكتلة النيابية الاكبر؟ وما هي توافقاتها، داخلها ومع الاطراف الاخرى؟ ومن المرشح او المرشحون للمناصب الرئاسية، فعندما يتقرر اسم رئيس مجلس النواب ونوابه، يكون قد تقرر معهم اسم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزارء.
نعتقد ان الانتخابات الحالية قد فككت بعض، السياقات السابقة.. ففي السابق كان تشكيل “الكتلة النيابية الاكبر” يعتمد للوصول اولاً الى اسم رئيس مجلس الوزراء، الذي انطلاقاً منه يتحدد اسم رئيس مجلس النواب ونوابه ورئيس الجمهورية. اما بعد الانتخابات الاخيرة فيبدو ان هذا الامر صار صعباً للغاية.. لهذا شهدنا كثرة التحالفات قبل الانتخابات وبعدها وسرعة اعلانها، ثم تفككها او تجاوزها الى غيرها. ولهذا سنشهد تجديداً للسياقات التي سارت عليها البلاد خلال الدورات التشريعية الثلاث السابقة.
1- هناك اطروحات عديدة طغت على الانتخابات والحملات بحيث تحولت الى مفاهيم سيصعب تجاوزها. ومثال ذلك الدعوة للكتلة النيابية العابرة التي تمثل الاغلبية السياسية.. ورفض مفهوم المحاصصة والتخندق الطائفي والاثني.. واهمية المنهاج والوصول الى حكومة ناجحة تقدم الخدمات وتحارب الفساد.. وتعضيد دور المستقلين واصحاب الخبرة والكفاءة وعدم حصر الامر بيد الاحزاب، الخ.
2- سيصعب على أ) قوى “التحالف الوطني” السابقة الاتفاق على مرشح واحد.. وكذلك ب) قوى “التحالف الكردستاني”.. وأيضاً ج) قوى “التوافق او العراقية”. فرغم كل السلبيات التي ما زالت قائمة، لكننا لم نعد بذلك التخندق الذي كنا عليه قبل سنوات، وهذا امر ايجابي. وستمنع الانقسامات داخل القائمة الواحدة والساحة الواحدة وبين الساحات، وارقام المقاعد التي حصلت عليها مختلف القوائم للذهاب الى خيارات احادية، او قسرية بالمستويات السابقة.
3- لهذا قد لن تجد القوى السياسية، خصوصاً تلك التي تتقدم غيرها بعدد مقاعدها، والتي تمتلك تمثيليات مؤثرة في ساحاتها، من سبيل سوى الذهاب الى منتصف الطريق. ونقصد بذلك ان يقدم كل طرف عدة مرشحين يرتضيهم ويقبل به للمنصب الذي يتوقع ان يكون مخصصاً له من المناصب الرئيسية الثلاث، ليتم اختياره من قبل جميع القوى الفائزة لمخلتف الساحات. كأن ترشح (أ) عدة مرشحين لمنصب رئاسة الوزراء.. وكذلك (ب) و (ج) للمناصب التي سيحتلونها.
4- كنا نأمل ان يسمح النظام الانتخابي وقانون الاحزاب وتفسير الكتلة النيابية الاكبر لدفع القوى للائتلاف مسبقاً لخوض الانتخابات، وفق منهاج يُتفق عليه، فترسم الانتخابات نفسها خارطة الحكومة القادمة، قبل ان ترسمها الصفقات.. لكن هذا لم يتحقق للاسف الشديد، لذلك نقول ان ما تتوجه نحوه الامور يشكل نصف الطريق، اذ سيشكل خطوة طيبة تعزز توجهات الانفتاح عسى ان يستكمل النصف الاخر لاحقاً. فرغم ان كل ساحة ستقدم مرشحيها للمنصب الرئاسي، لكن اختيار واحد منهم سيكون من مسؤولية الجميع على الصعيد الوطني.. وبهذا لن تكون المناصب والحكومة والمواقع الجديدة مسؤولية طرف واحد بل ستكون مسؤولية جميع الاطراف.. وبهذا سنكسر كثيراً من مرتكزات الاحتكار.. وبهذا ستتعمق الاتجاهات الصحيحة التي برزت في الانتخابات الاخيرة، ويصبح لموضوع الكفاءة والبرامج والساحة الوطنية واهمية الحكومة الناجحة فرصاً اكثر للتحقق.
عادل عبد المهدي