قمة القرارات الصعبة
القمة التي تُعقد يوم 16 يوليو الحالي في هلسنكي بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين هي بالمقاييس السياسية قمة القرارات الصعبة لأنها تشمل مروحة واسعة من القضايا الشائكة بين البلدين، ونتائجها سوف تنعكس بالتأكيد على البلدين والعالم.
صحيح أن الزعيمين التقيا قبل ذلك مرتين في لقاءات عابرة وهامشية، لكن هذه القمة التي طال انتظارها منذ انتخاب ترامب سوف تدخل في صلب الأزمات الدولية الراهنة، ومنها أوكرانيا وسوريا والقرم وقضايا التسلح والعلاقات الثنائية التي شابها الكثير من الفتور والتوتر وانتهت إلى فرض عقوبات اقتصادية وتبادل طرد دبلوماسيين.
كانت هناك رغبة في عقد القمة في وقت مبكر، لكن الصراعات في الداخل الأمريكي على خلفية اتهام موسكو بالتدخل لمصلحة ترامب في انتخابات الرئاسة صعّبت من عقد القمة، بل أخذت العلاقات بين البلدين إلى التوتر الشديد، ما فرض الانتظار إلى حين تخفيف الاحتقان.
القمة مهمة لأنها تتم بين زعيمين لدولتين عظميين، ووسط أزمات متفجرة في العالم تهم البلدين وتفترض أنهما يدركان تداعياتها الخطرة على السلام العالمي. ثم إنهما على الصعيد الشخصي لا توجد بينهما حالة عداء، بل يكنان لبعضهما الود والاحترام. لذلك هناك آمال كبيرة في أن يتمكنا من صياغة علاقة جديدة تماماً بين بلديهما تقوم على الشراكة والتفهم والمصالح المتبادلة.
جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي الذي زار موسكو مؤخراً والتقى الرئيس بوتين في إطار الإعداد للقمة، قال «لقد شعر الرئيس ترامب، ويوافقه على ذلك الرئيس بوتين أنه آن الأوان لكي يجتمعا لمناقشة مشاكلهما المشتركة وسبل التعاون بينهما»، موضحاً أنهما سيساهمان في تحسين العلاقات الأمريكية والروسية، وفي استقرار الأوضاع في العالم. من جهته أعرب المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عن تفاؤله بنتائج القمة المرتقبة، وأشار إلى أن الأزمة السورية سوف تحتل الصدارة بين الرئيسين وسيتم بحثها بشكل شامل ومفصل، لكن رغم نفيه ما تردد عن أن الرئيس ترامب يخطط لتقديم صفقة حول سوريا، إلا أن المعلومات تتحدث عن وجود نية أكيدة بين زعيمي الكرملين والبيت الأبيض لوضع حد نهائي لهذه الأزمة من خلال سلسلة إجراءات أمنية وسياسية تتولاها موسكو بتسهيل من واشنطن لوضع حد نهائي للأزمة، خصوصاً في الجنوب والشمال، وعلى الحدود السورية- العراقية.
وإذا كانت الأزمة السورية تحتل النصيب الأوفر من المحادثات فإن هناك قضايا أخرى مهمة سوف تكون محل بحث، وقد يصار إلى إنجاز اتفاقات بشأنها مثل الأزمة الأوكرانية وشبه جزيرة القرم، حيث لا يستبعد المراقبون أن يعترف ترامب بتبعيتها لروسيا، وأيضاً مسألة سباق التسلح بين البلدين، وهي قضية تستنزف البلدين، وقد كشف ترامب عن نيته بحث هذه المسألة بقوله «سوف نتحدث عن السلام، يمكننا حتى التحدث عن توفير ملايين الدولارات التي تنفق على التسلح».
إذن، نحن أمام قمة ستكون استثنائية ومهمة بالفعل إذا ما تم الاتفاق على حل هذه الأزمات.
نقلا عن “الخليج”