ازمه المياه هل هي ازمه ام فرصه؟
بعد ان تبدء تركيا باملاء سد اليسو في حزيران القادم ستظهر حقيقه ازمه المياه للعيان في دجله .و سد اليسو هو ليس السد الاخير من سلسله السدود التي انشآت في تركيا و لاحاجه ان اذكّركم ان ايران هي الاخرى قد انشأت السدود على منابع الانهر المغذيه للزابين و ديالي و الكرخه ناهيك عن تحويل مجرى الكارون. هذه السدود ستجعل العراق يعاني من شحه المياه بعد ان كانت مشكلتنا الازليه هي حمايه المدن من اخطار الفيضانات. أن عدم وجود حلول سيؤدي الى انتهاء الزراعه فيما بين النهرين حيث ولدت الزراعه الاروائيه في ايام سومر. و بما ان القانون الدولي لا يطّبق إلا على الضعيف فمناداة العراق بحقوقه الدوليه لن يكون لها اذان صاغيه و الوقت ليس مع العراق في انتظار استحصال حقوقه. لذا علينا الاخذ بحلول غير تقليديه لكي ننقذ العراق من الازمه القادمه. هنالك عده افكار قد تم طرحها سابقا في منشورات علميه اقدم ملخصا مقتضبا لها في ما يلي.
١- تأجير السدود و الخزانات التركيه لخزن المياه العراقيه. هذا الحل سينهي خساره اكثر من ١٠ بليون متر مكعب سنويا من خلال التبخر و التسرب الذي يحصل حاليا في الخزانات العراقيه التي انشأت في القرن الماضي لدرء خطر الفيضان (الثرثار و الحبانيه و الرزازه بشكل رئيسي و بعدها سد الموصل و سد حديثه و دوكان و دربندخان). هذا الحل سيوفر ايضا كلفة الحشو المستمر لأسس سد الموصل الذي انشأ على عجله في ايام الحرب مع ايران لحمايه خطوط التماس من خطر الفيضان علما ان سد الموصل يعتبر من اخطر السدود عالميا (تقرير فيلق المهندسين الامريكي في ٢٠٠٧).
٢- يُدفع ثمن إيجار السدود و الخزانات التركيه من خلال اسعار تفضيليه للنفط و الغاز و ايصالهما الى اسطنبول. و من اسطنبول من الممكن ان نفتح باب التصدير لتزويد اوروبا بالنفط او مشتقاته والغاز. قد يقول البعض ان هذا الحل يضع مستقبل العراق في ايدي تركيا و جوابي لهم ان مصدر المياه هو من جبال تركيا و هذا حكم الجغرافيه و انا لا اقول هنا ان ننهي السدود و الخزانات العراقيه وانما صيانتها و ابقائها لحين الحاجه (الحشو اسهل في حاله تقليل ضغط المياه). واذا وصلنا الى الاداره المشتركه لحوضي دجله و الفرات تنعدم الحاجه لخزن المياه في ضل المصالح الاقتصاديه المشتركه مع دول الجوار.
٣- ربط شبكه الكهرباء العراقيه مع تركيا و الكويت و ايران و السعوديه. اكثر من نصف الطاقه التوليديه الكويتيه لا تشّغل إلا في الطلب الاعلى خلال الصيف، هذه الطاقه من الممكن ان يستفاد العراق منها و يتم دفع كلفها من خلال السماح للبضائع المستورده من خلال ميناء مبارك بالدخول الى العراق و الترانزيت الى تركيا و بالعكس كذالك. يكون هذا الربط مثل طريق حرير جديد حديث يقصّر المده الزمنيه لشحن البضائع من الشرق الاقصى الى اوروبا.
٤- تزود الشبكه المتكامله بالطاقه الكهرومائيه التركيه و العراقيه و الايرانيه في الليل و بالطاقه الشمسيه النظيفه خلال النهار بالاضافه الى الطاقه الحراريه من المولدات الحاليه سواء في الكويت و العراق و ايران و السعوديه. طبعا هذا الامر يحتاج الى انشاء شبكات نقل كهرباء حديثه في العراق. علما ان تركيا مربوطه مع اوروبا حاليا و هذا يفتح باب الاستثمار في الطاقه الكهربائيه من اللوائح الشمسيه في العراق و الكويت و السعوديه و ايران و بيعها لآوروبا.
٥- تغيير سياسه الدعم الحاليه في العراق للمنتوجات الزراعيه مثل الحنطه و الشلب الى دعم تحديث طرق الارواء من التنقيط الى النضح ، الخ. هذا بحد ذاته سيقلل من الهدر في المياه و تقليل مياه البزل و تشجيع زراعه الخضروات و المنتوجات اللتي نستطيع ان نصدرها الى دول الخليج بعد الاكتفاء الذاتي. حاليا يتم شراء الحنطه من المزارع العراقي باسعار تكاد ان تكون ضعف الاسعار العالميه بحجه الاكتفاء الذاتي و هذا امر كان مفهوما ايام الحصار المفروض ايام نظام صدام و لكن في ضوء العجز في الخزينه العراقيه و انفتاح العراق على العالم لم يعد مقبول.
٦- بناء سده قاطعه في الفاو لمنع تمدد اللسان الملحي من الخليج الى البصره. هذه السده ستحمي الجانب الايراني كما تحمي الجانب العراقي.
هنالك افكار اخرى مكمله للافكار اعلاه و نكتفي بهذا القدرالمتضب الان لنقول ان مشكله المياه قد تؤدي من خلال القرار السياسي الحكيم و المفوضات الى خلق منطقه تجاريه منفتحه تشمل العراق و ايران و تركيا و الكويت و حتى سوريا و السعوديه و الاردن. ترى هل لدينا الحكمه الكافيه لنجعل من الازمه مفتاح لمستقبل مستقر للمنطقه؟
بقلم / د. عزام علوش
مؤسس و رئيس منظمه طبيعه العراق
حائز على جائزه الجولدمان الدوليه للبيئه ٢٠١٣
اختير من مجموعه المفكرين ال ١٠٠ المستقبليين من قبل مجموعه الفورن افيرز