3 قطاعات لتحسين الاقتصاد
في سهرة رمضانية كان السؤال، لو أُعطينا 3 خيارات لتوليد القيم المضافة وتوفير العمالة، (عدا القطاع النفطي والمشاريع الارتكازية الاساسية)، فاين سنضع اولوياتنا. أخذين بالاعتبار الحالة المالية، وعدم الغرق بالديون والظروف الواقعية، فكان الجواب: أ) القطاع المصرفي العام والخاص.. ب) الزراعة والتربية الحيوانية.. ج) الصناعات الصغيرة والمتوسطة والحرف والمهن.
1- القطاع المصرفي باعتباره عتلة التنمية، والقادر على حشد الاموال، وإلا سيبقى الاقتصاد رهيناً بالديون والنفط والبيروقراطية والمشاريع الوهمية والفاشلة عموماً، حسب مقولة “الدولة رجل اعمال فاشل وفاسد”. فهناك 9000 مشروع بكلفة 300 مليار دولار تقريباً مجمدة –حسب وزارة التخطيط- لم تنفذ سوى جزئياً، لتلكوء التمويل او لسوء الاحالة. فاذا تم ادخال السيولات النقدية خارج المصارف للدورة المصرفية، والمقدرة بـ34 ترليون دينار، باستخدام الادوات المالية والنقدية كسعر الفائدة والمحفظات الاستثمارية وسندات الخزينة ونظام التحاسب الضريبي، فستتوفر سيولات مهمة، ويشجع توليد عملات غير ورقية (M1 وما فوق). وباضافة ما يقارب 30 ترليون دينار من حسابات للمؤسسات والوزارات، موجودة لكنها ميتة (Dead Capital)، يمكن تحفيز نشاط اقتصادي مهم. لاشك ان المصارف ضعيفة وعقليتها اما بيروقراطية او باحثة عن الربح السريع، فهي انعكاس لضعف الاقتصاد وطفيلية نشاطاته.. ولكن هذا هو تنشيط الاقتصاد، والقطاع معه. فمهما يقال، تبقى المصارف مقارنة بغيرها، الاكثر تقدماً وقابلية للمراقبة والادارة والتطور والعصرنة، والمالكة لثروات (موجودات، ودائع، رؤوس اموال واستثمارات) وصلت في 2015 الى 223 ترليون دينار حسب رسالة ماجستير للطالبة فاطمة سلام المالكي.
2- وتأتي أهمية القطاعين الاخرين لتحريك الاقتصاد واحتواء البطالة ولتوليد القيم المضافة: أ) لان لديهما اساساً الاسواق وعنصر الطلب الضروري، الذي يُغطى اليوم عبر الاستيراد.. ب) فالقطاعان موجودان ولهما تاريخ طويل ولا يحتاجان لخبرات خاصة ولوجستيكيات معقدة، لكنهما ضعفا واستضعفا.. ج) ولوجود معظم الاقتصاد الخاص في هذين القطاعين، فهما يلبيان الطلبات ويحركان قطاعات كثيرة اخرى ملازمة. ان 35-40% من السكان ما زالوا يعيشون في الريف ويعتمدون الزراعة والثروة الحيوانية والمشاريع الخفيفة الصغيرة.. ومن الجهة الاخرى فان الصناعات الخفيفة والمتوسطة واصحاب المهن والحرف هم البقية الباقية من سكان المدن خارج ملاكات الدولة. فالقطاعان هما الاقدر على توليد قيم مضافة واستيعاب الايدي العاملة التي يصلنا منها سنوياً مئات الالاف، مع عجز الدولة لاحتواء المزيد. قد يقول قائل لماذا استبعاد قطاع السكن والسياحة.. والجواب ان القطاعين مهمين ويمكن ان يكونا الخيار الرابع والخامس، وقد يحركان الكثير من القطاعات الاقتصادية الاخرى.. لكننا لم نضعهما كاولوية لاعتقادنا بانه توجد مبالغة في الارقام التي تتكلم عن 2 مليون وحدة سكنية عاجلة، الا كهدف بعيد لتحسين كامل البيئة السكنية.. فهناك 6 مليون عائلة تقريباً.. وتشير الاحصاءات (التخطيط) ان 10% من السكان يدفعون الايجار، و10% استوطنوا في سكن حكومي او للغير، و80% مالكين لسكنهم. فحتى لو اعتبرنا ان جميع المستأجرين هم الطلب الفعلي، واضفنا من يريد تحسين سكنه، فسيبقى الطلب الحقيقي اقل مما يقال.. فهناك اعداد كبيرة من المجمعات فارغة وغير مكتملة رغم التسهيلات. اما السياحية فستتحسن عبر التشريعات، وتنشيط القطاعات الثلاثة، بهدف تحسين قطاع الفنادق والمطاعم والاتصالات، لتبقى المواصلات والامن الضروريان للسياحة من واجبات الدولة اساساً. مهما يكن سيتطلب اي تطور شرطين (اساسين دون ذكر اخرى) لا يحتاجان ايضاً لاموال اضافية وتشريعات معقدة:
3- توفير التقاعد والضمان الاجتماعي لكل من يعمل في القطاع الخاص اسوة بالقطاع العام
4- تخلي الدولة تدريجياً عن اصول وموجودات لصالح المواطنين. لن نتكلم عن الثروة النفطية، فلها قصة اخرى.. بل عن الاراضي البائرة، والابنية المدمرة، والمعامل العاطلة، وأهمية التمليك والحيازة الطويلة بشرط الاحياء. المالكية الاحتكارية للدولة نظام قديم وسيء، وزدناه سوءاً. على العكس ستجلب الضرائب المباشرة وغير المباشرة الاموال للدولة، وترفع عنها نفقات هائلة، وستمنح المواطنين حقوقاً هم احق بها واقدر على استثمارها، ليبقى دور الدولة، المشاريع الاستراتيجية، وكراعية ومحفزة وداعمة لهذه النشاطات، وليس معطلة لها.
عادل عبد المهدي