نتائج الانتخابات وموقف القانون
سلام مكي
نشرت وسائل الاعلام مسودة قانون يدعو الى الغاء نتائج الانتخابات النيابية التي جرت يوم12/5 نتيجة للخروقات التي رافقت تلك العملية والتي تستدعي إلغاءها وإعادة اجرائها في وقت لاحق، يصادف مع موعد اجراء الانتخابات
المحلية.
ولكون ان الاسباب الموجبة لتشريع هذا القانون هو الخروقات والتجاوزات التي شهدتها مراكز اقتراع في الداخل او في الخارج، فإن تلك الاسباب لا تستند الى أسس قانونية سليمة، على اعتبار ان الخروقات والتجاوزات والتزوير، وضع المشرع لها طريقا لتلافيها ومعالجتها ولم يكن من بينها الغاء
الانتخابات كلها.
وقد بينت المحكمة الاتحادية هذا الأمر صراحة في بيانها الصحفي الأخير الذي حدد الآليات التي يتم من خلالها الطعن في النتائج وصولا الى المراحل النهائية لاعتبار المرشح الفائز نائبا في البرلمان.
حيث بينت ان الطعون والشكاوى تقدم الى مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات استنادا لنص المادة الـ 8 من القانون رقم 11 لسنة 2007، وفي حال عدم القناعة بالنتيجة، يمكن للمتضرر ان يطعن بها امام الهيئة القضائية للانتخابات في محكمة التمييز الاتحادية، وان قرارات تلك اللجنة باتة ولا يجوز الطعن بها. وبعد الانتهاء من النظر في الشكاوى والطعون، تحال الأسماء الفائزة الى المحكمة الاتحادية لغرض المصادقة عليها، حيث جاء في النص الدستوري: المصادقة على النتائج النهائية.. بمعنى ان النتائج النهائية التي تتجاوز مرحلة الطعون وفق القانون 11 لسنة2007.
وعلى هذا الأساس، فإنه لا يمكن الغاء النتائج كافة بسبب وجود خروقات وشكاوى من قبل جهات سياسية، وان كانت تلك الشكاوى لها سند من القانون، الا ان معالجتها تتم وفقا للآليات المرسومة لها وليس الغاء النتائج
كلها.
وعلى المفوضية واللجنة القضائية ان تنظر بجدية واهتمام الى جميع الشكاوى والطعون المرفوعة امامها، خصوصا وان هنالك خروقات موثقة وان بعضها نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سواء في المراكز الانتخابية داخل العراق او خارجه، والجميع شاهد على
تلك الخروقات.
الجانب الآخر الذي لا ينفصل عن نتائج الانتخابات، هو موقف الحكومة الذي تمثل بتشكيل لجنة عليا لمتابعة الخروقات الناجمة عن العملية الانتخابية، وتلك الخروقات تمت من جانب المفوضية نفسها وليس من قبل المرشحين، تلك الخروقات تتعلق باجهزة العد والفرز الالكترونية التي ثبت التلاعب بها وإمكانية اختراقها حسب ما نشر في وسائل الاعلام. وهذا الأمر بحد ذاته، يمثل تحديا كبيرا للعملية الانتخابية، حيث ان قانون المفوضية لم ينص على هذه الحالة ومدى إمكانية تأثيرها على نتائج الانتخابات، فلو ثبتت لتلك اللجنة صحة المعلومات التي تحدثت عن اختراق تلك الأجهزة والتلاعب بها، وعدم كفاءتها، وان ذلك التلاعب أسهم الى حد كبير في تغيير نتيجة الانتخابات، فهل تتم إعادة الانتخابات؟ ام يصار الى اتباع ذات الآليات التي نص عليها القانون .. الفقرة 2 من المادة 8 من القانون 11 لسنة2007 التي تنص: ما لم ينص قانون المفوضية العليا على عكس ذلك يملك المجلس السلطة الحصرية لحل النزاعات الناجمة عن إعداد وتنفيذ الانتخابات وطنية إقليمية أو على مستوى المحافظات ويجوز له
ان يفوض الصلاحية للإدارة الانتخابية لحل المنازعات لحظة وقوعها؟ والمقصود بالمجلس هو مجلس المفوضين. ولكن المشكلة ان مجلس المفوضين هو المتهم بالتقصير، فلا يمكن اللجوء الى هذا النص لغرض حل إشكالية الأجهزة
الالكترونية.
بالتالي، فإن القوانين الجزائية والأجهزة الرقابية هي المختصة بالنظر في خروقات مجلس المفوضين. الطريق القانوني لتلافي مشكلة الأجهزة الإلكترونية في حال ثبوت اختراقها او التلاعب بها هو اللجوء الى العد والفرز اليدوي. ولكن قانون الانتخابات نص في المادة 5 المعدلة للمادة78 على ان تجري عملية الفرز والعد باستخدام جهاز تسريع النتائج الالكتروني ويتم تزويد وكلاء الاحزاب السياسية بنسخة الكترونية من استمارات النتائج واوراق الاقتراع في كل محطة من محطات الاقتراع. ولكن اللجوء الى العد والفرز اليدوي، لم ينص القانون عليه، بالتالي، فثمة إمكانية لإجرائه ولكن بشرط ان يتم بموافقة المحكمة الاتحادية، فهي التي تملك صلاحية مدى إمكانية اجراء العد والفرز اليدوي، في ظل عدم النص عليه في القانون وعدم وجود نص يمنع من اللجوء اليه.
ان ما يمنح الشرعية الكاملة للبرلمان هو صعود أعضائه وفقا للآليات القانونية والدستورية، وخلو العملية الانتخابية من اية خروقات، بالتالي، فإن الأسماء التي أعلنت عنها المفوضية ليست نهائية الا بعد الانتهاء من جميع الشكاوى والطعون وتصديق المحكمة الاتحادية على الأسماء المرفوعة من المفوضية وبعد المصادقة يصبح المشرع نائبا في البرلمان بشكل رسمي.
نقلا عن “الصباح”