لا وقت للكلام!
هي القمة الإسلامية الثانية التي تعقد في اسطنبول من أجل فلسطين خلال ستة أشهر، والقمتان فوق ذلك طارئتان، أي إنهما عقدتا على عجل بسبب قضية مهمة تستحق العجلة واتخاذ القرارات الاستثنائية التي تستحقها، وإلا لا حاجة لأن تكون طارئة أو عاجلة.
لكن اللافت أن القمة «الطارئة» التي يفترض أن يحضرها قادة 57 دولة نظراً لأهمية السبب الذي انعقدت من أجله، وهو قرار إدارة ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، وما يمثله ذلك من اعتداء على مقدسات إسلامية، واستفزاز لأكثر من مليار ونصف المليار مسلم، ومن ثم المذابح التي ترتكبها «إسرائيل» بحق الفلسطينيين، هذه القمة لم يحضرها إلا عدد قليل من قادة الدول الإسلامية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، ما يدل على عدم اكتراث بالقضية وما تمثله من قداسة لدى المسلمين والعرب والمسيحيين.
كلام كثير قيل في القمة، بعضه كان مستهلكاً ولم يعد يصلح لمعالجة قضية بحجم قضية فلسطين وما وصل إليه الحال من تداعيات ونتائج كارثية، وبعضه كان يعبر عن واقع حال تعبيرا عن موقف فيه غضب ومرارة وشعور بالتقصير والخذلان، ولكن «العين بصيرة واليد قصيرة».
المهم أن القمة الثانية عقدت واختتمت والتقطت الصور التذكارية كي تبقى شاهدة على «تاريخيتها» وقراراتها.
كان المواطن العربي والمسلم ينتظر مثلا قرارات ترد على الفعل الأمريكي الآثم بحق فلسطين والمدينة المقدسة، وعلى جرائم الحرب التي ارتكبتها «إسرائيل»، مثل سحب السفراء أو تجميد العلاقات أو فرض عقوبات سياسية واقتصادية على الدول التي حذت حذو أمريكا في نقل سفاراتها من تل أبيب إلى المدينة المقدسة، لردع الدول الأخرى التي تفكر في اتخاذ خطوات مماثلة، إسوة بما فعلته جنوب افريقيا ( غير العربية) على الأقل باستدعاء سفيريها في واشنطن وتل أبيب، وهذا أبسط ما كان متوقعا من قمة «استثنائية وطارئة».
القرارات التي صدرت عن قمة اسطنبول كانت عادية جدا ولا ترتقي إلى الفعل المطلوب للرد على الجرائم السياسية واللاإنسانية التي ارتكبت خلال الأسابيع الماضية بحق فلسطين والفلسطينيين والعرب والمسلمين. القرارات كان يمكن اتخاذها في أي اجتماع وفي أي وقت.
الإدانة «بأشد العبارات الأعمال الإجرامية للقوات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني»، واعتبار خطوة واشنطن بنقل سفارتها إلى القدس«عملاً استفزازياً وعدائياً موجهاً ضد الأمة الإسلامية»، واتهام إدارة ترامب «بتوفير الدعم لإسرائيل في ارتكابها الجرائم الوحشية».. كل هذا الكلام لا يعني شيئاً بالنسبة ل«إسرائيل» والولايات المتحدة، ولن يغير قيد أنملة في موقفيهما، لأن مثل هذه القرارات هي دليل ضعف وعدم جدية وتهرب من تحمل المسؤولية.
هذا مجرد كلام لن يجد من يصرفه في عالم الأقوياء وغياب الحق والعدل.
“الخليج”