اراء و أفكـار

انتخابات وسط زوابع إقليمية

في ظل الغياب التام لاستطلاعات الرأي العام الدقيقة والموثوقة في العراق فإن من غير الواضح ما إذا كانت (السياسة الخارجية) تشكل أهمية بالنسبة للناخب العراقي وتقرير تصويته في الانتخابات التشريعية التي ستجرى السبت المقبل.
من الصحيح أن علاقات العراق مع مختلف دول الجوار والدول الكبرى تشغل جانبا كبيراً من اهتمامات الرأي العام العراقي، لكن من غير الواضح ما إذا كان المواطن سيضع في الحسبان مثل هذا الاهتمام حين يكون بمواجهة صناديق الانتخاب.
خلال هذه السنوات، ما بعد 2003، ظلّ كثير من العراقيين يفكرون ويصرّحون بأن مشكلات العراق بمجملها هي نتاج هذه العلاقات المضطربة بين العراق ومختلف دول محيطه، وهي نتاج لسوء تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة والدول الأخرى.
هذا سوء هو نتيجة متبادلة في أسبابها ما بين العراق والدول الأخرى. ما هو مهم لنا كعراقيين هو التساؤل عما إذا كان لدينا فعلاً (سياسة خارجية) تنطلق من الحرص على مصالح العراق وعلاقاته بالآخرين.
لا يكفي أن نضع مبادئ عامة فضفاضة لهكذا علاقات، مثل عدم التدخل، والحرص على علاقات متكافئة، وعلى التعاون بما يخدم المصالح المشتركة ويحقق الأمن والاستقرار، لنقول معها أن ليدنا فعلاً سياسة خارجية. لا يكفي أن تكون هناك سفارات وتمثيل دبلوماسي. السياسة هي إجراءات أكثر مما هي مفاهيم عائمة مصاغة بطريقة إنشائية مستهلكة، وهي أكبر من مجرد وجود سفراء خارج البلد، كلٌّ منهم يفكر بـ (رؤية) حزبه أو الجهة المتفضلة عليه بالمنصب أكثر مما يفكر بسياسة خارجية مركزية للبلد.
السياسة الخارجية تتطلب مثل هذه المركزية، وتستدعي أن يكون هناك إجماع وطني، في مختلف دوائر المسؤولية، للالتزام بهذه السياسة الرسمية للدولة سواء اقتنعنا بها، كموظفي خدمة عامة، أو لم نقتنع.
ما ظل يحصل هو تنافر الجميع كلما كانوا بصدد التفكير بالسياسات والعلاقات مع الخارج.
ما أكثر ما كان لدينا أكثر من وفد بمناسبة ما لدى دولة أخرى، وما أكثر ما كان كل وفد ينطلق من وجهة سياسية تتعارض بالكامل مع وفد عراقي أخر متزامن بحضوره في تلك المناسبة.
في الانتخابات السابقة ظلت هذه المشكلات تبدو غير منظور إليها. ويبدو أن جميع المتنافسين الانتخابيين كانوا متواطئين على الصمت في هذا المجال، فلم تكن لتشكل أي اهتمام انتخابي.
لكننا في ظرف يلفّ المنطقة، ويعتري صلتها ببعضها وبالعالم، وهو ظرف مشحون بالتكاره والمؤامرات والنوايا السيئة، ويوجب التفكير فيه بموقع العراق وسط هذه الدوامة النارية.
من غير المحتمل أن تتأثر انتخابات الأحد بزوابع ما يحصل الآن في المنطقة، لكن من المهم أن تفضي الانتخابات إلى نتائج تساعد العراق على أن يكون حصيناً وموحَّداً في النظر إلى مصالحه وكرامته ومنعته.

“الصباح”
الكاتب:عبد الزهرة زكي

مقالات ذات صلة