اراء و أفكـار

الصين والهند.. «فصل جديد»

من اللافت أنه بالتزامن مع القمة التي جمعت زعيمي كوريا الجنوبية والشمالية وتعهدا فيها بالعمل من أجل نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية كمؤشر على تحقيق إنجاز تاريخي يسقط جدران العزلة والعداء بين البلد الواحد المقسم.. كانت تعقد في اليوم نفسه قمة أخرى غير بعيدة، ولكن في بكين بين الزعيم الصيني شي جين بن بينغ ورئيس وزراء الهند ناريندا مودي في محاولة منهما لإذابة الجليد بينهما وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، تنهي عداء طويلاً بينهما تسبب بحرب في العام 1962، وباشتباكات حدودية متفرقة طوال السنوات التالية كاد بعضها يتطور إلى حرب جديدة.
هناك خلافات حدودية بين البلدين عند ما يعرف بخط مكماهون، وهو من مخلفات خرائط الاستعمار البريطاني، وتحديداً في منطقة جبال هيمالايا، حيث تتداخل المناطق مع بعضها، وتؤدي إلى اشتباكات بين جيشي البلدين، وهذا الخلاف أدى إلى سوء علاقات بين عملاقي آسيا، لم تفلح اتفاقات سابقة في وضع حد له. وهذا الوضع انعكس على الخلاف الهندي – الباكستاني التاريخي، حيث أقامت باكستان علاقات وثيقة مع الصين في حين تحالفت الهند مع الاتحاد السوفييتي السابق، ثم مع روسيا بعد ذلك، لكنها بدأت في السنوات السابقة في نسج علاقات خاصة مع الولايات المتحدة أيضاً.
الزعيمان الصيني والهندي يدركان أهمية العلاقات بين بلديهما سلباً أو إيجاباً وانعكاسها عل مجمل قارة آسيا ومن ثم على الوضع العالمي، لذلك حاولا في هذه القمة وضع أسس لعلاقات جديدة يمكن أن ترسي حالة من عدم العداء والتوتر الدائمين، إذ أعرب بينغ عن أمله في فتح صفحة جديدة في العلاقات الصينية- الهندية خلال الاجتماع، فيما اعتبر مودي أن البلدين يتحملان مسؤولية مشتركة في مواجهة التحديات العالمية، مشيرا إلى أن هذه القمة فرصة عظيمة للقيام بذلك.
هذا يعني أن هناك فرصاً للسلام، أو على الأقل تبريد الأجواء وإذابة الجليد بين الدول، وخلق أجواء تتيح هدم الأسوار والأحقاد وإزالة الحواجز، إذا ما توفرت إرادة السلام، والتخلي عن منطق القوة والعدوان والهيمنة، والإيمان بأن العلاقات الدولية لن تبنى إلا من خلال الشراكة في التصدي للتهديدات والتحديات التي تواجه العالم.
قمتان تبشران بأن العالم لا يزال بخير، وبمقدوره إذا ما تم اللجوء إلى العقل والمنطق والعدالة والقانون أن يصنع مستقبلاً جديداً.. شرط أن يتخلى أصحاب الرؤوس الحامية في المؤسسات السياسية والعسكرية الكبرى عن منطق إثارة الحروب وتأجيج الصراعات وصناعة السلاح وسباق التسلح، وخوض الحروب بالوكالة، واستخدام جماعات الجريمة والإرهاب والجيوش غير النظامية في استنزاف الشعوب وتدمير الدول.

“الخليج”

مقالات ذات صلة