اراء و أفكـار

تهنئة للقتلة!

لم يسبق لأي زعيم فاشي أو نازي أن تباهى بقتل مدنيين أبرياء، ربما لأن بقية من الأخلاق كانت تمنعه من ذلك، أو لأنه كان يشعر ببعض الحياء. الإرهابيون فقط فعلوا ذلك لأنهم بلا ضمير ولا أخلاق ولا روادع ولا قيم إنسانية ودينية تمنعهم من ذلك.
بنيامين نتنياهو رئيس حكومة دويلة «إسرائيل» فعلها أيضاً، وكذلك وزير حربه أفيغدور ليبرمان.
الأول أثنى على أداء جيشه لقتل 16 فلسطينياً وإصابة أكثر من 1500 خلال مسيرات يوم الأرض السلمية في فلسطين، وخاطب جيشه بكل وقاحة «أحيي جنودنا الذين يدافعون عن حدود الدولة ويسمحون لمواطنينا بالاحتفال بهدوء بعيد الفصح (اليهودي)». فيما هدد الثاني بتصعيد حدة قمع الجيش «الإسرائيلي» العنيف لمسيرات الفلسطينيين عند الحدود مع قطاع غزة، وقال «في المرة القادمة سنرد بشكل أكثر حدة، وسنستخدم كل ما هو متاح لنا»، أضاف «عطلة العيد مرّت بهدوء، لم يصب أي جندي بجروح، لقد أدى جنودنا المهمة على أفضل وجه».
نقرأ مضمون ما قاله نتنياهو وليبرمان، فنجد كمّاً من الحقد والكراهية لا مثيل له، وتعالياً عنصرياً بغيضاً عن «جنودنا» الذين «أدّوا المهمة»، وعن وعيد بمزيد من القتل. هكذا بكل بساطة يتعامل قادة هذه الدويلة مع الشعب الفلسطيني الذي لا يستحق إلا القتل، وصولاً إلى إعلان رفض أي تحقيق بمذبحة «يوم الأرض»، وعدم التعاون مع أي لجنة تحقيق دولية قد تشكل بهذا الشأن، وذلك رداً على الدعوات التي صدرت عن بعض أعضاء مجلس الأمن الذين طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق دولية، ومطالبة حزب «ميرتس» بتشكيل لجنة تحقيق داخلية، كما قالت رئيسة الحزب تمار زندبرج «على ضوء الاستهداف الموسّع للفلسطينيين على حدود قطاع غزة وسقوط قتلى ومئات المصابين بالرصاص الحيّ، وفي ظل شهادات على إطلاق نار على متظاهرين غير مسلحين، بما في ذلك مقاطع مصورة يظهر فيها إطلاق نار من الظهر».
يزعم قادة هذه الدويلة العنصرية أن مسلحين تخفّوا داخل المسيرات السلمية لتبرير المجزرة، وكل العالم كان شاهداً بالصوت والصورة على سلمية التظاهرات، والاكتفاء بالهتاف ورفع الشعارات، ولم تطلق رصاصة واحدة باتجاه جنود الاحتلال الذين كانوا على أهبة الاستعداد للقتل.. لكن طبيعة هذه الدويلة منذ نشأتها وحتى الآن هي طبيعة عنصرية عدوانية، تاريخها كلّه عبارة عن دم وجرائم ومجازر.
ولكي تكتمل صورة هذا العدوّ الخبيث، فإنه يمارس النفاق المفضوح، والظهور بمظهر الحمل، فقد سارع للتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن احتجاجاً على اجتماع المجلس في جلسة طارئة، فيما كانت «إسرائيل» تحتفل بعيد الفصح! كما دعا إلى إدانة «المسيرة العنيفة». فهو لا تعنيه المجزرة التي ارتكبها، إنما يعنيه عيد الفصح، ثم تحميل «المسيرة» مسؤولية المجزرة التي وقعت في صفوف المشاركين فيها.
نحن في الواقع أمام عدوّ لا مثيل له في التاريخين الحديث والقديم، هو ذات طبيعة فريدة يمتزج فيها النفاق بالعنصرية والحقد والكراهية وحب القتل والعدوان والإرهاب، بحيث إن الفاشية والنازية يخجلان من نفسيهما أمام هكذا دويلة.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة