الإرهاب يتحرك
العمل الإرهابي الذي استهدف جنوب فرنسا يوم أمس الأول، وأعلن تنظيم «داعش» الإرهابي مسؤوليته عنه، وأدى إلى مقتل عدد من المواطنين والإرهابي إضافة إلى جرح آخرين، هو في الواقع رسالة جديدة إلى العالم تقول إن الإرهاب وإن انهزم في الميدان وتم تدمير هيكله التنظيمي إلا أنه لا يزال قادراً على الهجوم وإلحاق الأذى والتخريب. وتقول الرسالة أيضا إن الاسترخاء خطأ فادح، وتقدير في غير محله، ويجب أن يظل العالم في حالة يقظة وتأهب في مواجهة الإرهاب.
صحيح أن تنظيم «داعش» تلقى ضربة قاصمة في الحرب الأخيرة عليه في العراق وسوريا، وفقد معقله و«خلافته»، وتشتت مقاتلوه أو نقلوا إلى مواقع جديدة، لكنه لم يفقد القدرة على الحركة، وإعادة تنظيم فلوله، وتغيير تكتيكاته. وما يقوم به في العراق وسوريا من هجمات ضد مواقع وقوات في البلدين وعمليات اختطاف وإعدام منتقاة، يشير إلى أنه انتقل إلى مرحلة أخرى من الإرهاب، هي حرب العصابات، كما أنه يقوم بإنعاش خلاياه النائمة وإعادة تحريكها في أوقات وأماكن يحددها هو، وبما يحقق أهدافه في خلق حالة من الصدمة والبلبلة.
ما جرى في جنوب فرنسا يجسد هذه الحالة التي قد تتكرر في فرنسا أو في غيرها من الدول، طالما أن هناك قدرة لخلايا «داعش» على الحركة والتواصل، ولم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد، نتيجة خطأ في حسابات بعض الدول التي تضع في استراتيجيتها إمكانية استخدام جماعات إرهابية، من بينها «داعش» في حروب الوكالة التي تخوضها في أكثر من مكان، هنا في المنطقة العربية أو في إفريقيا وآسيا وأوروبا. أو نتيجة اعتقاد خطأ بأن الإرهاب توارى واختفى ولا ضرورة لاستمرار اليقظة والتأهب.
اللافت في العملية الإرهابية الأخيرة أن السلطات كانت تعرف الإرهابي وعلاقاته بمجموعات متشددة، وله سجل في ارتكاب العديد من الأعمال الإجرامية، لكنها تغاضت عنه، ولم تتابعه أو تراقبه باعتباره مشروع إرهابي محتمل. ثم كيف حصل على السلاح ومن أين؟ لأن هذا يعني أن هناك جهة ما زودته به ولديها القدرة على تزويد غيره.
هو إنذار لفرنسا ولدول أخرى بأن ما تقوم به من جهد في محاربة الإرهاب ليس في المستوى المطلوب، وأن الإرهابيين لديهم القدرة على اختراق فجوات أمنية للقيام بعمليات غير محسوبة.
المطلوب، المزيد من اليقظة والتنسيق والجدية، فالإرهاب النائم يمكن أن يستيقظ في أية لحظة.. وقد يكون في حالة بيات شتوي فقط.
نقلا عن “الخليج”