«إسرائيل» بلا رتوش
كل مساحيق العالم لا تستطيع إخفاء حقيقة «إسرائيل» العنصرية، العدوانية والإجرامية. هي نظام غريب قام في الأساس على مفهوم وإيديولوجيا عنصرية، دينية، استئصالية ترفض الآخر، وتستند إلى أساطير تلمودية ترى في الشعب اليهودي فقط «شعب الله المختار»، وبقية شعوب الأرض «أغيار» هم مجرد عبيد، أما الشعب الفلسطيني فله وضع خاص، فهو في الأساس غير موجود، وإن وجد فلا يستحق الحياة.
هذه هي «إسرائيل» باختصار، بوجودها وممارساتها ودورها. والدعم الأمريكي والغربي المطلق لها لا يغير شيئاً فيها، بل يعطيها المزيد من القوة والصلف، ويزيدها عدوانية وعنصرية.. لأن هذا الخبز «الإسرائيلي» من هذا العجين الغربي. والكلام الكثير عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية هو غطاء للجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية في فلسطين وفي غيرها من بلاد العرب والعالم، ونحر للعدالة الدولية عندما يتم تطبيق الازدواجية في التعامل مع قضايا الحق.
أمامنا نموذج لهذا السلوك العنصري العدواني «الإسرائيلي» الذي يحظى بدعم غربي فاضح، ولا يصدر عن أي دولة غربية مجرد بيان إدانة واستنكار يسأل عن هذا السلوك البشع الذي لا يستقيم مع أي شريعة أو قانون.
شاهدنا بأم العين، على الشاشات وفي الصحف، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، السلوك الهمجي لقوات الاحتلال «الإسرائيلي» كيف تعتدي بشراسة على المتظاهرين السلميين العزل في قرى فلسطينية يوم الجمعة الفائت، ومنها تلك التي جرت في بلدة بلعين بالضفة الغربية، حيث انقض جنود الاحتلال كالذئاب المفترسة على جموع المتظاهرين ومن بينهم عدد من النشطاء الأجانب الذين تعرضوا للضرب المبرّح والرفس والسحل، إضافة إلى إصابة العديد من المتظاهرين بجروح كما تم اعتقال بعضهم.
هذه المشاهد من البطش الذي يمارسه جيش الاحتلال هو صورة طبق الأصل لدويلة اسمها «إسرائيل» قامت على العدوان والتوسع والهمجية بما يرتقي إلى حد جرائم الحرب ضد الإنسانية.
وإذا كانت هذه الممارسات الوحشية اليومية هي ديدن «إسرائيل»، فإن أصواتاً من داخلها تفضحها وتدينها وترى فيها تهديداً وقوة استعمارية استيطانية. هي أصوات طلاب يرفضون الخدمة العسكرية الإلزامية وقعوا على عريضة تضم أسماء حوالى مئة طالب، من بينهم متان هيلمان وساعر يهلوم والشابة إييليت بروخفيلد، وقد تم اعتقالهم جميعاً ويخضعون حالياًً للاستجواب ثم السجن. مع العلم أن عدد المستنكفين يصل إلى الآلاف، وقد وجه هؤلاء رسالة مفتوحة إلى السلطات يرفضون فيها الخدمة العسكرية بسبب الممارسات العنصرية ضد الفلسطينيين. وجاء في رسالتهم «نحن نرفض الثقة بنظام التحريض، ونرفض المشاركة في مؤسسة حكومية مهمتها القمع والاحتلال». وقال الشاب ساعر يلهوم القابع في السجن، في رسالته قبل اعتقاله «باختصار، أرفض احتلال شعب بأكمله تحت حكم عسكري معاد لهم، أرفض أن يرسل أبناء وبنات جيلي ليكونوا قوة شرطة استعمارية على أبناء جيلنا الفلسطينيين في خدمة حكومة رأس المال والاستيطان.. وأرفض سياسة الحواجز وهدم البيوت والاستيطان وملاحقة الحركات السياسية وحظر التجول والاعتقالات التعسفية». واختتم رسالته مردداً ما قاله الشاعر محمود درويش: «أنا أرفض وأقول ليتني شمعة في الظلام».
نقلا عن “الخليج”