ثقافة العنف
عند كل مجزرة ترتكب في الولايات المتحدة على يد أحد الأشخاص، يتم توجيه التهمة إلى معتوه أو مختل عقلياً، إلا إذا كان مرتكبها مسلماً أو من أصول عربية فهو «إرهابي».
آخر مجزرة ارتكبت في إحدى الثانويات بولاية فلوريدا وراح ضحيتها 17 طالباً، وارتكبها الطالب السابق نيكولاس كروز (19 عاماً)، تم تحويل أسبابها عن مسارها، وأيضاً وسائل مواجهة مثل هذه المجازر التي تتكرر في الولايات المتحدة حيث بلغت في العام 2017 وحده، 20 حادثة إطلاق نار أدت إلى آلاف القتلى.
المسؤولون الأمريكيون لا يستطيعون الاقتراب من لب المشكلة، ولا يمكنهم الاعتراف بأسبابها الحقيقية. لا يمكنهم مواجهة الحقيقة التي تقول إن ثقافة العنف الراسخة في المجتمع الأمريكي هي سبب مباشر لهذه الأزمة، وهي ثقافة ممتدة عبر التاريخ الأمريكي، وصارت جزءاً من ممارسة حتى في السياسة الأمريكية، وفي العلاقات الدولية.
والمشكلة الأخرى تكمن في أن الدستور الأمريكي ينص في تعديله الثاني على حق الأمريكي في امتلاك السلاح، وهو ما يتخذ ذريعة من جانب «الجمعية الوطنية للأسلحة» التي تشكل «لوبي» نافذاً وقادراً على التأثير في مجلسي الشيوخ والنواب والإدارة الأمريكية، لإحباط أي جهد لتعديل النص الدستوري أو الحد من القدرة على شراء السلاح ووضع ضوابط مشددة تحول دون الانتشار الفوضوي لحمل السلاح.
الرئيس ترامب عندما التقى ذوي ضحايا المدرسة قبل يومين، لم يكن لديه أي حل لمواجهة حمل السلاح في المدارس، إلا تسليح الأساتذة، أي أنه يريد أن يقوم الأساتذة بمهمتي التدريس والشرطة، لأنه حسب ترامب «لو كان لدينا معلم يجيد استخدام الأسلحة النارية لتمكن من إنهاء الهجوم بسرعة».
هو في واقع الحال يتهرب من مواجهة المشكلة بشكل مباشر، ويحولها إلى مشكلة اقتصادية، ويرى أن تدريب المعلمين على حمل السلاح، يؤدي غرض التخفيف من أجور رجال أمن يتولون حماية المدارس. لكنه لا يدرك مخاطر أن يتحول الأستاذ إلى رجل مسلح بما يتعارض مع رسالته في أن يكون تربوياً وموجهاً.
الحقيقة أن السماح بشراء أسلحة، من دون قيد أو شرط، ليس قضية سياسية، هو في الواقع قضية حياة أو موت.. ليست ذات أهمية ما دامت تشكل جزءاً من ثقافة العنف المكرسة في الدستور الأمريكي وأصبحت جزءاً من حياة الأمريكيين.
“الخليج”