اراء و أفكـار

الرهان على العراق

حسين علي الحمداني

في مرحلة ما بعد القضاء على الإرهاب التي كان العراق رأس الرمح في هذه الحرب العالمية ،نجد اليوم العالم كله يراهن على دعم العراق وإعماره في هذه المرحلة المهمة خاصة بعد أن أدرك العالم بأسره أهمية العراق الستراتيجية ودوره الفعال في القضاء على الإرهاب أولا، وتبنيه الوسطية والاعتدال ثانيا وابتعاده عن سياسة المحاور المبنية على أسس ضيقة وقاتلة في الوقت نفسه. وهو النهج الذي اتبعته الحكومة العراقية في السنوات الأخيرة والذي أثمر بناء علاقات إيجابية مع دول الجوار من جهة، ومن جهة ثانية ترصين الجبهة الداخلية وتوحيدها وهو ما أدى للقضاء على آخر معاقل القوى الإرهابية وتطهير البلد منها.
وبكل تأكيد فإن العالم ينظر لما أنجزه العراق من تحول كبير في بلد يحتفظ بخزين هائل من النفط ومرشح للزيادة،وفي الوقت نفسه يحتفظ نظامه السياسي بعلاقات جيدة مع محيطه الإقليمي المتنوع فكريا وسياسيا، يضاف إلى ذلك كله الموارد البشرية الكبيرة، والسوق العراقية التي إن انفتحت أمام الشركات العالمية فإنها ستصبح السوق الأكثر رواجاً في المنطقة بحكم حاجة العراق لعدد كبير جداً من المشاريع سواء في الطرق والمواصلات أو البنى التحتية للخدمات الأخرى وحتى في صفقات التسليح التي يحتاجها العراق لتعزيز قدراته العسكرية والدفاعية، خاصة إن الجيش العراقي اكتسب خبرات كبيرة في محاربة الإرهاب الذي يعد الخطر الكبير الذي يواجه العالم في هذه المرحلة.
لهذا جاء الدعم العالمي للعراق بـ30 مليار دولار والتي هي أقل مما مطلوب جاءت بتوقيت مناسب جداً من حيث دلالاتها للعراق الذي خرج من حرب ضروس مع قوى الشر وهنالك مدن كثيرة تحتاج لإعادة إعمار، سواء في البنى التحتية الخدمية أو الوحدات السكنية أو غيرها من الاحتياجات الضرورية. كما إن دعم العالم للعراق رسالة إيجابية كبيرة تؤكد مكانة العالم في خارطة العالم وأهميته في حفظ الأمن والاستقرار. والعراق أرسل أكثر من رسالة إيجابية للعالم أولها الشروع بمحاربة الفساد الإداري والقضاء عليه، والثانية التأكيد على مواعيد الانتخابات في توقيتاتها الدستورية وهو ما يؤكد التزام العراق بالنهج الديمقراطي في الحكم، وثالثا تهيئة الأرضية للاستثمارات الأجنبية في البلد. لهذا وجدنا بأن العالم والشركات العالمية تعاملا مع العراق كشريك ستراتيجي قوي من شأنه أن يلعب دوراً قوياً في المنطقة، والشراكة المقصودة هنا ليست اقتصادية فقط بل تتعدى ذلك إلى شراكة متعددة في ملفات عديدة يمكن للعراق أن يأخذ دوره الإيجابي فيها ومنها الملف السوري الذي بات اليوم على وشك الحل،مضافا لذلك ملفات المنطقة الأخرى وصراعاتها التي هدأت في الفترة الأخيرة.
لهذا العالم يراهن على العراق كقوة سياسية واقتصادية وبشرية بإمكانها أن تعيد المنطقة لصورتها الحقيقية وإن تكون هنالك تنمية كبيرة ليس في العراق فقط بل في عموم المنطقة التي تستعد لمرحلة جديدة.

“صحيفة الصباح”

مقالات ذات صلة