أين العرب؟
يقاس تقدم الأمم والشعوب بما تحققه من إنجازات علمية وثقافية واقتصادية وتربوية، لأن ذلك هو الرصيد الذي يمكّنها من مجاراة التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، وإن تخلفت عن مجاراة ذلك فلا مستقبل لها ولا أهمية ولا دور.
هذا الواقع الذي يفرض نفسه حالياً على أمم الأرض التي تسعى للحاق بركب العلم والتطور يستدعي أن نسأل أنفسنا: أين نحن العرب في هذا العالم الذي يجدّ الخطى ويسابق الزمن في كل مجالات العلوم؟
يقال: إن العرب كانوا رواداً في شتى العلوم من فلك وطب وعلم اجتماع ورياضيات وغيرها، وفتحوا أمام العالم آفاقاً جديدة من المعرفة غير المسبوقة، لكن نوائب الزمان جعلتهم يتجمدون، وأصيبوا بحالة من الشلل الكامل أقعدتهم عن مواصلة المسيرة، وتركوا لغيرهم القيام بالمهمة، واكتفوا بالوقوف عند قارعة الطريق يراقبون ما يحققه الغير في معارج العلم والمعرفة، ويلوكون ماضيهم، وكأن الماضي يصنع الحاضر أو المستقبل.
ننظر إلى حالنا وحال غيرنا في مجال البحث العلمي مثلاً، فنقف على واقع كارثي. وفقاً لموقع «تك إنسايدر» فإن الولايات المتحدة تنفق أكبر قدر من المال على البحوث العلمية والتطوير، إلا أن «إسرائيل» التي تنفق أكثر مما تنفقه كل الدول العربية مجتمعة، تحتل المركز الأول في الإنفاق قياساً بالناتج المحلي الإجمالي (4.2 بالمئة)، متفوقة على كوريا الجنوبية التي تنفق 4.1 من الناتج المحلي الإجمالي، في حين أن اليابان مثلاً تنفق 3.5 بالمئة.
أما الدول العربية فحدّث ولا حرج، إذ إن دولاً عربية تنفق 1 بالمئة فقط، وبعض الدول تنفق 1.2 بالمئة، وهناك دول ليس لديها ما تنفقه لأنها لا تملك وسائل البحث العلمي المطلوبة. ولهذا نجد أن معظم العقول العربية تضطر للهجرة بحثاً عن فرصة في الخارج لإطلاق ما لديها من قدرات وإمكانات علمية، ولعل العالِم المصري عبقري الكيمياء أحمد زويل الذي حصل على جائزة نوبل العام 1999خير مثال على ذلك.
تتعدد أسباب هجرة الأدمغة العربية إلى الدول الغربية، فعدا الظروف السياسية الصعبة التي تعيشها الدول العربية، والتضييق الأمني، وحالة الاختناق السياسي، فهناك القيود المفروضة على البحث العلمي والفكري الحر وعدم توفر التسهيلات العلمية سواء للمخترعين أو الباحثين، وفقاً لتقرير جامعة الدول العربية، الذي يشير إلى أن لبنان يتصدر القائمة يليه المغرب ثم مصرفي عدد الأدمغة المهاجرة.
في عالم يشهد قفزات هائلة في مجال الاختراعات والابتكارات العلمية، لا نجد أثراً للعرب، اللهم تباشير تلوح في الأفق لغد واعد من خلال ما تحققه دولة الإمارات على دروب الفضاء وريادة المستقبل.
“الخليج”