عودة الحياة إلى اليمن
بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى منطقة حيس، القريبة من محافظة الحديدة، غربي اليمن، التي تمكنت قوات التحالف العربي، وبضمنها قوات الإمارات، إضافة إلى قوات الشرعية اليمنية، من تحريرها خلال الأيام القليلة الماضية، ضمن سلسلة من المناطق التي كانت تقع تحت نفوذ جماعة ميليشيات الحوثي منذ انقلابها على الشرعية في شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2014.
الأمر لا يتعلق فقط بالتحرير العسكري وإنهاء الوجود المسلح للميليشيات التي عاثت بهذه المناطق فساداً، بل يتجاوزه إلى إعادة الحياة إلى حيس، كما حدث قبله من عودة الحياة إلى الخوخة والمخا، وقريباً إلى بقية مناطق الساحل الغربي، وصولاً إلى محافظة الحديدة، حيث يعاني سكان هذه المحافظة جوراً وظلماً تتسبب بهما سلوكيات الجماعة الانقلابية، التي لا ترغب في أن يستعيد اليمنيون عافيتهم، وترغب في أن تبقى البلاد في حالة حرب دائمة، لأنها تدر عليها المليارات من الدولارات.
تسير قوات التحالف العربي جنباً إلى جنب في خطى ثابتة لإعادة الحياة إلى المناطق المحررة، وقد كان حضور دولة الإمارات قوياً من خلال مشاركتها العسكرية وحضورها الإنساني، حيث أعادت إعمار ما خربه المتمردون الانقلابيون، خاصة المدارس والمرافق العامة للدولة، التي حولوها إلى مخازن للأسلحة وأماكن لتجمعاتهم وحشد مسلحيهم، كما قامت بتوزيع أطنان من المساعدات الغذائية والأدوية وغيرها من المستلزمات الضرورية لحياة الإنسان.
الموقف الإنساني لدول التحالف في مناطق الساحل الغربي، التي تم تحريرها مؤخراً، يعد امتداداً للمواقف التي تبنتها دول التحالف في بقية المناطق المحررة في المناطق الجنوبية من اليمن، حيث كانت هذه المواقف سبباً في استعادة اليمنيين أراضيهم التي جرت السيطرة عليها من قبل جماعة انقلابية، لم تكن ترى اليمن إلا حظيرة كبيرة لنهب الثروات وحكمها باسم الجماعة المرتبطة بالخارج، خاصة إيران، التي قام بزيارتها قبل يومين الناطق الرسمي باسم الجماعة الانقلابية محمد عبد السلام والتقى المسؤولين فيها، ما يدل على أن «الحبل السري» بين إيران وهذه الجماعة لا يزال قائماً ويتباهى الحوثيون بذلك، مستفزين مشاعر الملايين من اليمنيين، الذين يرون الارتماء في أحضان نظام ولاية الفقيه محاولة لربط بلادهم بالمشروع الإيراني في المنطقة.
لذلك يلمس اليمنيون فرقاً واضحاً بين دول التحالف العربي، التي تحضر منقذة، والارتباط الخارجي الذي يحاول الحوثيون فرضه على الناس من خلال الزيارات المتواصلة لإيران، التي أثبتت الأحداث أنها تنفق أموالها على عمليات التخريب في المنطقة، وتجاهلت احتياجاتها الداخلية، واللقاءات المتكررة التي تتم بين قيادات الجماعة الحوثية والمسؤولين الإيرانيين، دليل على أن طهران لا تريد أن ترفع يدها عن شؤون اليمن، رغم ادعائها غير ذلك.
يتبلور مشروعان في اليمن، الأول تدميري وتخريبي تمثله إيران بما تقوم به من دعم لميليشياتها في اليمن، والثاني إنقاذي يقوده التحالف العربي بجناحيه السعودي والإماراتي، ويهدف إلى إعادة الحياة إلى اليمن ومساعدته ليعود سعيداً كما كان وأفضل.
“الخليج”