لغة حرب «إسرائيلية»
منذ فترة و«إسرائيل» تقرع طبول الحرب، وتهدد لبنان بالثبور، وعظائم الأمور، وتلجأ إلى شتى الأعذار والأكاذيب، مرة لأسباب لها علاقة بالنفط على الحدود البحرية الجنوبية للبنان المحاذية لفلسطين المحتلة، ومرة لإقامة جدار على الحدود البرية الجنوبية للبنان في مناطق متنازع عليها عند ما يسمى «الخط الأزرق»، ومرة بذريعة صواريخ «حزب الله».
من الواضح أن نوايا «إسرائيل» غير بريئة، كأنها تعد العدة لشيء ما ضد لبنان، خصوصاً أنها اعتادت اختلاق ذرائع مسبقة قبيل كل عدوان ارتكبته في السابق، ثم تمهد له باتصالات دبلوماسية مكثفة لوضع العالم في جو ما تنوي فعله.
المتابع للحركة «الإسرائيلية» خلال الأسابيع القليلة الماضية يمكنه أن يلحظ استنفاراً سياسياً، وأمنياً، داخلياً، غير مسبوق، يستهدف وضع الجبهة الداخلية في حالة تأهب لمواجهة ما يمكن أن يحصل، من خلال مناورات عسكرية غير مسبوقة على طول الحدود الشمالية، ونشر «القبة الحديدية» الصاروخية في الشمال، وتدريبات في المستوطنات على مواجهة حرب محتملة للتعرف إلى جاهزيتها، وسد الثغرات الممكنة في استعداداتها تفادياً لما حصل في حرب 2006 التي كشفت عن عدم الجاهزية العسكرية للقوات «الإسرائيلية» في تحقيق أي هدف من أهداف العدوان، إضافة إلى انكشاف المستوطنات، وعدم جاهزيتها، واضطرار مئات آلاف المستوطنين للفرار جنوباً.
الحكومة «الإسرائيلية» المصغرة اجتمعت أمس، برئاسة نتنياهو، وبمشاركة كل ممثلي الأجهزة الأمنية لمناقشة الوضع على الجبهة الشمالية، حيث عرض نتنياهو نتائج محادثاته في مؤتمر «دافوس» مع الرئيسين الأمريكي، والفرنسي، والمستشارة الألمانية، إضافة إلى لقائه في موسكو مع الرئيس الروسي خلال الأسبوع الماضي الذي بحث فيه «التهديدات» من الجبهة الشمالية (لبنان وسوريا).
وكان سبق ذلك سيل من التهديدات المباشرة ضد لبنان من عدد من الوزراء «الإسرائيليين»، حيث أعلن وزير الحرب أفيجدور ليبرمان في مؤتمر «معهد دراسات الأمن القومي» أن الحرب القادمة على الجبهة الشمالية ستكون بأكبر قوة، وأنه «إذا دخل سكان «تل أبيب» إلى الملاجئ فسوف يدخل كل سكان بيروت إلى الملاجئ»، كذلك هدد باجتياح لبنان قائلاً: «يجب الاستعداد للاجتياح البري، وكل الخيارات مفتوحة»، كما وجه تهديداً في حال أقدم لبنان على استثمار «البلوك9» النفطي على حدوده الجنوبية، معتبراً هذه الخطوة «استفزازية»، مدعياً أنه ملك دويلته.
وزير التعليم «الإسرائيلي»، رئيس حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، ذهب أبعد من ذلك بقوله: «سنحول لبنان إلى دمار شامل، وسوف يتضرر الجزء الجنوبي منه بشدة»، أما وزير المواصلات والاستخبارات يسرائيل كاتس فقال: «سنعيد لبنان سنوات إلى الوراء، إلى العصر الحجري، أو عصر الكهوف».
وحاول نتنياهو التخفيف من حدة هذه المواقف واعتمد لغة «التهدئة» والمراوغة بقوله: «لا نتوجه إلى الحرب، ولكن سنقوم بكل ما يلزم من أجل الدفاع عن أنفسنا».
هي لغة الحرب تشهرها «إسرائيل» في وجه لبنان.. هل هي حرب نفسية، أم مقدمة لإشعال المنطقة ما دامت الظروف الإقليمية والدولية مهيأة، ومع وجود إدارة أمريكية تدعم «إسرائيل» بالمطلق؟
نقلا عن “الخليج”