اراء و أفكـار

“داعش”.. الارهاب يتململ لاستعادة انفاسه

جرت خلال اليومين الماضيين 3 عمليات داخل العاصمة في ساحة عدن وساحة الطيران، سقط فيها عدد كبير من الشهداء والجرحى. وبعد هذه العمليات ازدادت اعمال القطع والدوريات وهذا امر طبيعي. رغم ذلك فان الاحتفاء بالانتصارات الكبرى التي تحققت بتحرير الارض كان يجب ان يرافقه تعبئة وحذر شديدين فيما يتعلق بالعمليات الارهابية. فـ”داعش” او الارهاب، بشكل قديم او جديد، لن ينتهيا بمجرد خسارتهما للارض. وان الارهاب مجتمع وبيئة وفكر وتاريخ ومعادلات اقليمية ودولية.. فهو ان خسر دولته المزعومة، لكنه يحاول إعادة تنظيم صفوفه في الاودية والجبال والصحارى وبين البيوت.. وان ما نقلته الاخبار من تنصيب امير كردي للمرة الاولى في “حوض المطيبيجة” الوعر والمترامي الاطراف بين “كركوك” و”صلاح الدين” يشير لاحتمالات استغلال المناطق الوعرة والجبلية لتغذية العمليات واعادة التنظيم.. مستذكرين ان مجاميع من “القاعدة” هربت من افغانستان بعد 2001 ولجأت لجبال كردستان العراق الشرقية، لتشكل مع مجاميع كردية “انصار الاسلام”، والتي قصفتها القوات الامريكية عند بدء عملياتها في العراق.
فالمعركة لم تنته مع “داعش” خصوصاً، والارهاب عموماً، وإن تغيرت الكثير من المعطيات وموازين القوى. وهو ما يتطلب ان نغير ايضاً من معطيات المواجهة لمنع الارهاب ان يستعيد انفاسه، ويعود لجرائمه ولزعزعة الامن وارعاب المواطنين، خصوصاً بعد ان شهدت معظم مناطق العراق خلال الاشهر الاخيرة تراجعاً كبيراً في العمليات الارهابية، ومظاهر غير قليلة لعودة الامن.. وبدأ العراقيون، وغير العراقيين، بالاعتياد على الحياة الطبيعية، مما حفز على الحركة والنشاط وبث روح التفاؤل، المطلوبة لمواجهة صعوبة الاوضاع المادية والمعاشية.
لاشك ان الدوائر الامنية تمتلك الان الكثير من المعلومات والرجال عن طبيعة “داعش” والتنظيمات الاخرى وتواجداتها. وهذه فرصة عظيمة لاعطاء الاولوية للعمل التدقيقي والوقائي والمتابعة والاستخبارات الذكية ولعمليات الاختراق ليس من خارج التشكيلات الارهابية او في مستوياتها الدنيا، بل من داخلها وفي مستويات قياداتها ومراكز قراراتها وتحركاتها، ليتسنى التخطيط للعمل الاستباقي الذي يحبط العمليات ويحفظ ارواح المواطنين وامنهم. ولاشك ان القوى العسكرية والميدانية التي اخذت الصدارة خلال مرحلة تطهير المناطق ستبقى درعاً قوياً لحماية الامن، لكن مهامها وادوارها لابد ان تتغير، وان تستثمر هذه الظروف لرفع كفاءاتها القتالية لمنع “داعش” او اي اسم ارهابي جديد من العودة باشكال اخرى جديدة. ولابد من الاهتمام بالامور الاتية:
1- ان ما يدحر الارهابيين ويرعبهم هو القوى الشعبية سواء اكان اسمها الحشد الشعبي او العشائري او البيشمركة او المتطوعين. فكل شيء اخر يمكن هزمه، الا قوى الشعب عندما تنظمها العقيدة والحماس الشعبي.
2- لاشك ان الاوضاع السياسية هي عامل مهم لقلقلة الامن او لاستقراره.. فالارهاب ينفذ من الثغرات التي تخلفها الصراعات السياسية الضارة. فالقوى السياسية ستنشغل بالمعركة الانتخابية وستسود شعارات التنافس والمزايدة، والتسقيطات المتبادلة، بما يفتح ثغرات كبيرة. وهذا امر مهم بالنسبة للمرشحين التنفيذيين خصوصاً. فقد يشغلهم الفوز بالموقع من ايلاء الاهتمام المطلوب بمقتضيات ومهام الواجب والموقع. كما نرى اهمية تعجيل الوصول للحلول المطلوبة بين الحكومة والاقليم، او فيما يخص سكان المناطق التي كان يسيطر عليها “داعش”، وضرورات عودة النازحين الى ديارهم، وعدم استغلال ذلك للاختراق وعودة الارهابيين.
3- سيبقى الملف الاقتصادي والخدمي والاعماري من الامور المهمة سواء في المناطق المحررة او غيرها، لتحسين اوضاع المواطنين، وتخفيف نزعة التذمر والبطالة التي هي ارض خصبة للارهاب والعنف. وهذا يتطلب رؤية وشجاعة كبيرة لحل سلسلة من الاشكالات والعقبات التي سببها الرئيس بيروقراطية الدولة وتشريعاتها وانماط عملها.
4- واخيراً وليس اخراً اهمية الاهتمام بالعلاقات الايجابية والجيدة مع جميع دول الجوار ودول المجتمع الدولي، خصوصاً البلدان الصديقة التي وقفت معنا في ملماتنا وظروفنا الصعبة.
عادل عبد المهدي

مقالات ذات صلة