12%، 17%.. وغياب قانون توزيع الموارد المالية
“غرد” الاخ محمد مرجان سائلاً: “سيدنا العزيز.. كثر اللغط لموضوعة 12% و17% بخصوص حصة كردسان، وتداخلها مع النفقات السيادية.. نحتاج توضيح الملابسات عند استيزاركم لوزارة المالية في 2004”. سبق واوضحت بافتتاحية “الاستفتاء.. مبررات وحقيقة الـ17%..” في 15/10/2017. فمع عدم اقرار “قانون توزيع الموارد المالية” سيخضع التوزيع للمحافظات والاقاليم للاجتهادات والتقلبات وغياب الفلسفة المرجعية المتفق عليها من الجميع.
[“تثار نقاشات قبل الاستفتاء وبعده.. ومدى الالتزام بالنسبة من عدمها، او شرعيتها وبطلانها، لذلك نوضح الأمر، وفق السياقات القانونية والدستورية المعمول بها، بعيداً عن النوازع والقناعات الشخصية.
1- بعد عودة السيادة وانسحاب الادارة المدنية لـ”بريمر”، اقرت الـ17% في 2004 عندما توليت حقيبة المالية في الحكومة المؤقتة للدكتور علاوي. فلقد تقدم الاستاذ نيجرفان برزاني بكتاب لتخصيص 25% في الموازنة، باعتبار ان النسبة تمثل الاكراد في العراق. وبحضور نائب رئيس الوزراء الاستاذ برهم صالح ناقشنا الامر، وذكرنا ان الاقليم ليس مسؤولاً ادارياً ومالياً عن اكراد العراق بل عن السكان داخل الخط الازرق، بموجب “قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية”، بالمادة 53/أ (التي اكدتها المادة 143 للدستور الدائم) ونصها “يُعترف بحكومة اقليم كردستان بصفتها الحكومة الرسمية للاراضي التي كانت تدار من قبل الحكومة المذكورة في 19/3/2003 الواقعة في محافظات دهوك واربيل والسليمانية وكركوك وديالى ونينوى”.. ولجأنا لاحصاءات وزارتي التخطيط والتجارة، والتي اظهرت ان عدد السكان حوالي 17%، انتظاراً للتعداد السكاني الذي خصصت مبالغه للتخطيط، وكان مؤملاً اجراؤه نهاية 2004.
2- لماذا تخصيص نسبة لكردستان خلافاً لبقية المحافظات؟ والجواب هو اتفاق الامم المتحدة والنظام السابق في 1996 حسب “برنامج النفط مقابل الغذاء”، والذي خصص من مجموع الموارد النفطية، 13% لمنطقة الحكم الذاتي، 59% لبقية العراق، و28% للتعويضات والامم المتحدة. وفي 2004 اقر (قانون ادارة الدولة) لينص: “..توزع الواردات الناتجة عن هذه الثروات عن طريق الميزانية العامة وبشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع انحاء البلاد”(المادة 25/هـ).. ونص في “المادة 26/أ “ستبقى القوانين النافذة في 30 حزيران 2004 سارية المفعول، الا اذا نص هذا القانون على خلاف ذلك والى ان تقوم الحكومة الانتقالية بالغائها او تعديلها..”.. لهذا تم العمل وفق السياقات والقوانين السابقة، ومنها طريقة التعامل مع منطقة الحكم الذاتي، او اقليم كردستان لاحقاً.
3- ناقشنا في وزارة المالية يومها ان الـ13% كانت تخصص من جميع الموارد النفطية، باعتبار ان منطقة كردستان كانت منفصلة تماماً في شؤونها الادارية والمالية عن الحكومة العراقية. ولتغير المعطيات بعد 2003 فلا يمكن احتساب الـ17% من مجموع الواردات النفطية، فصار احتسابها من مجموع النفقات الاتحادية بعد خصم النفقات السيادية والحاكمة.. وعندما اعترض بعض الاخوة الكرد بان هذا سيجعل النسبة حوالي 10%، بينا انه مع تبني النظام الفيدرالي، فان الاقليم بات يستلم العديد من الموارد عبر النفقات الحاكمة والسيادية، وشريكاً في التشريعات والقرارات والوزارات والمؤسسات الاتحادية، ولم يعد منفصلاً كما قبل 2003، ليحتسب ما يخصص له من مجموع الواردات النفطية او الاتحادية فقط.
4- اقر مقترح وزارة المالية في مجلس الوزراء.. وصار هو المبدأ الذي يتكرر سنوياً في الموازنات التي تقترحها المالية، ويوافق عليها مجلس الوزراء، ويقرها مجلس النواب ويصادق عليها “مجلس الرئاسة” في المرحلة الانتقالية او رئيس الجمهورية في المرحلة الدائمة.
5- لم يجرِ التعداد السكاني، بسبب الاوضاع الامنية او تقصير الحكومة الاتحادية او تمدد الاقليم خارج حدوده المعرّفة قانونياً. فبقيت هي القاعدة المعمول بها، في اطار التشريعات القائمة. ولم تتقدم اي من الحكومات المتعاقبة او مجلس النواب على تعديلها او تعديل نسبها وفق المادة 60 من الدستور سواء عبر “مشروعات قوانين” تتقدم بها السلطة التنفيذية، او “مقترحات قوانين” تقدمها السلطة التشريعية، بسبب ان الامر هو شأن مالي تختص به السلطة التنفيذية، او بسبب قرار المحكمة الاتحادية على ان “مقترحات القوانين” هي مجرد فكرة ليس الا.”
عادل عبد المهدي