الشراكة القاتلة
يمثل مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح على أيدي مليشيات الحوثي الإيرانية نقطة تحول في تاريخ اليمن، فالبلاد التي حكمها لأكثر من ثلاثين عاماً عاشت فصولاً كثيرة من الحروب والتناقضات والتحالفات ورهانات رابحة وأخرى خاسرة تمكن من الخروج منها إما بانتصار أو بالسلامة على أقل تقدير.
المكيافيلية التي طغت على شخصية صالح أسهمت كثيراً في صناعة المشهد اليمني ونمط العلاقات بين صنعاء ومختلف دول العالم، ورغم التركيبة القبلية المعقدة في اليمن فقد استطاع في فترات طويلة جعلها سلاحاً يواجه به خصومه، وكذلك الحال في تعامله مع القوى السياسية حيث مكنه مكره من تحويلها إلى حلفاء أو خصوم وفق ما يخدم مصالحه.
مغامرات سياسية كثيرة خاضها علي عبدالله صالح المعروف بمواقفه المتأرجحة وجميعها تمكن من النجاة من كوارثها عدا خطأه القاتل في التحالف مع جماعة الحوثي ضد الشعب اليمني وحكومته الشرعية، وهي الشراكة التي أصابته في مقتل على الصعيد السياسي قبل أن تتم تصفيته على يد الشريك القاتل لاحقاً.
نسي صالح -الذي شاهد الجميع جثته حينما مثلت عناصر المليشيات الحوثية بها قبل أن تمتد يده لمصافحة عبدالملك الحوثي- أن اليد الأخرى كانت على خنجر الانتقام من قاتل أخيه حسين، وتناسى معها أن نيران الحروب الستة التي خاضها ضد مليشيات إيران في اليمن لم تخمد، واعتقد أن مغامرة الشراكة مع خصم الأمس ستنتهي كما انتهت المغامرات التي عاشها في الماضي.
فقدان الثقة المتبادل بين شريكي الانقلاب على الشرعية كان لصالح دور كبير في غض الطرف عنه في سبيل تحقيق مكاسب قصيرة المدى على غير عادته، ولم تسعفه الأيام ليغادر السفينة المثقوبة ليتلقى رصاصات كان يدرك أنها يوماً ما ستصيب أحدهما جراء انتصارات القوات الحكومية وتقدمها على الأرض لدك المعاقل الأخيرة لمليشيات إيران على أرض اليمن.
نهاية صالح المأساوية تفتح جميع الاحتمالات والتكهنات فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، وإن كانت جميع المؤشرات تؤكد أن الشعب بمختلف مكوناته سيتوحد في مواجهة جماعة الحوثي واجتثاث شجرة الموت التي زرعتها إيران على أرض اليمن من جذورها.. ليعيش اليمن ويعود سعيداً كما عرفه العالم منذ فجر التاريخ.
“الرياض”