اراء و أفكـار

توظيف إيجابي !

الحرب على الفساد لاتقل اهمية عن الحرب على الارهاب وفي بلد مثل العراق لايمكن استبعاد الترابط الحي بين هذين المفهومين والعلاقة الطردية فيهما فقد تناوب الارهابيون والمفسدون في النيل من ثروات العراق ومن امنه ومن بنيته الاجتماعية.
ولطالما ارتاح الفاسدون ورحبوا بالبيئة المثالية التي يوفرها الارهاب لهم لممارسة جرائمهم بحق الشعب العراقي وجرى خلال السنوات المنصرمة توظيف الظروف الاستثنائية التي مر بها العراق في تمرير الصفقات المشبوهة والنفاذ والالتفاف على منظومة التشريعات والقوانين التي سنت لمعاقبة العابثين بالمال العام من السراق والمزورين ومع قرب الاعلان النهائي للخلاص من الارهاب وبسط سيادة الدولة العراقية على كل الاراضي والاجواء والمياه العراقية تكاد الثغرات التي نفذ وينفذ منها الارهابيون والمفسدون تغلق وتضيق معها فرص السرقة والاحتيال.
وحينما اعلن السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي عن توجيه امكانات الدولة نحو ملف الفساد ووصفه بانه لايقل خطورة عن الارهاب وتوعد الفاسدين بان مصيرهم لن يختلف كثيرا عن ملف الارهابيين فانه لم يجانب الحقيقة في هذا التوصيف ولم يغالط الحقيقة في مدى الضرر الذي مارسه هؤلاء في شتى المؤسسات العراقية ومن المهم جدا التذكير بأن العبادي وحده لايستطيع قيادة مثل هذه الحرب على الفساد وان جهدا وطنيا وشعبيا مماثلا في العزم والقدرة للحشد الوطني والشعبي الذي خاض فيه العراقيون منازلتهم ضد الارهاب كفيل باستئصال جذور الفساد في العراق ومحاربة ثقافته.
ومن المهم ايضا التذكير بأن توظيف هذه المهمة الوطنية يجب ان يؤطر بالقيم الايجابية من خلال الاصرار على تنفيذ اقسى العقوبات بحق المتورطين بملفات الفساد وعدم التهاون معهم وعدم توظيف هذا العمل لاغراض انتخابية قد تستغلها احزاب وجهات اخرى تدعي حرصها الوطني ظاهرًا وتريد الاستفادة منه الى اقصى حد في خداع الرأي العام والحصول على مكاسب انتخابية من ورائه بما يشوه ويحرف اهداف الحملة الوطنية المراد توجيهها نحو القضاء على الفساد ومكافحة كل اشكاله ..وكلما اقترب موعد الانتخابات ستتعالى اصوات لم نكن نسمعها وتظهر وجوه لم نكن نراها طوال السنوات المنصرمة التي كان الفاسدون يعيثون فيها خراباً بالوطن ويمعنون في ارتكاب الاذى بحق الشعب العراقي ولايمكن السماح لمثل هؤلاء بسرقة هذا الجهد الوطني او التشويش عليه ..نريد توظيفا ايجابيا لمحاربة الفساد لا يبغي من ورائه المصلحون أي منافع ومصالح حزبية وفئوية ضيقة على حساب المصلحة العامة للبلاد .

د.علي شمخي
“الصباح الجديد”

مقالات ذات صلة