اراء و أفكـار

بما يتجاوز المذبحة

لا.. ليسوا مسلمين ولا مؤمنين ولا عرباً ولا آدميين. هؤلاء صنف جديد من المخلوقات الهجين، التي أخذت شكل البشر متعطشة للدم والقتل وارتكاب كل الموبقات بما يتنافى مع كل الشرائع والقوانين السماوية والأرضية والفطرة البشرية المعهودة.
لم يحصل أن تم ارتكاب مثل هذا الفعل الهمجي المشين الذي يشكل وصمة سوداء على جبين الإنسانية كما حصل يوم الجمعة الماضي في مسجد الروضة في سيناء، حيث تعمد الإرهابيون قتل كل المصلين، من خلال تفجير المسجد من الداخل، ثم إطلاق النار على من بقي حياً أثناء فرارهم، ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى مكان المذبحة لإنقاذ من بقي حياً.
هي مذبحة كاملة المواصفات يعجز الإنسان عن فهم أسبابها ومبرراتها سوى أنها عمل شيطاني نفذته عقول مريضة تحمل أفكاراً حاقدة على الإنسانية ومعادية للأديان السماوية ولكل ما له علاقة بالأخلاق والقيم التي تربط البشرية وتحض على المحبة والتسامح والإخاء.
هؤلاء الهمج ليسوا مسلمين ولا علاقة لهم بكتاب الله ولا بما نزل من آيات تدعو للمحبة والإخاء بين البشر وتنهى عن ارتكاب المعاصي وقتل الأبرياء. ولا علاقة لهم بسنة الرسول الكريم ودعوته للرحمة والمعاملة الحسنة والرفق بالإنسان والحيوان وكل مخلوقات الله.
عندما يتعمد هؤلاء قتل المصلين المتعبدين، السجّد بين أيادي الله في يوم الجمعة، إنما يتعمدون قتل الإنسانية جمعاء، كنموذج على قبح إيمانهم وتفكيرهم التكفيري الذي لا يرى في الإنسان الآخر، أكان مسلماً أو غير مسلم إلا كافراً يستحق القتل حتى ولو كان في بيت الله يؤدي فريضة الصلاة. وقد تقصّد هؤلاء القتلة أن تتم عملية القتل داخل المسجد وخارجه كي يقدموا نموذجاً حياً عن أهدافهم الشريرة الخبيثة، وعن طبيعة معتقدهم.
مصر المفجوعة بمجزرة المسجد التي تجاوزت ما أصابها من قبل على أيدي المنظمات الإرهابية داخل مصر وفي سيناء، تجد نفسها أمام تحد جديد في معركتها ضد الإرهاب الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة في كل من العراق وسوريا، وكأن المؤامرة التي تستهدف الأمة العربية تقول بالفم الملآن إن الدور على مصر، وإن الإرهاب الذي فعل ما فعل من مآس وكوارث في العراق وسوريا وغيرهما من ديار العرب يعد العدة لتعزيز وجوده في مصر واستكمال ما بدأه في حواضر عربية أخرى، باعتبار أن مصر تمثل العمود الفقري للأمة وجيشها هو عماد الأمن القومي العربي، وإلهاء هذا الجيش في معارك داخلية من أجل إضعافه كما حصل لجيوش عربية أخرى، يشكل هدفاً رئيسياً لاستكمال مسلسل ضرب الجيوش العربية وتحطيم قدراتها، وبالتالي إضعاف مناعة الدول العربية وتسهيل تفتيتها.
بهذا المعني، هل يمكن لنا استبعاد الدور «الإسرائيلي» الذي تؤكده ممارسات مفضوحة في دعم وتأييد المنظمات الإرهابية العاملة في سوريا، والتصريحات التي يدلي بها قادة «إسرائيل» عن ضرورة اختراق الدول العربية لتحقيق السلام «الإسرائيلي» المنشود على حساب الحقوق العربية؟ وذلك يستلزم إضعاف أية قدرة عربية على الرفض والممانعة يمكن أن تقف في وجه السياسة «الإسرائيلية».

“الخليج”

مقالات ذات صلة