التخطيط الستراتيجي لوزارة النفط العراقية
احمد جبار الوائلي
شهدت وزارة النفط العراقية بعد عام2003 تخبطا واضحا على صعيد الأهداف الاستراتيجية التي وضعتها لنفسها ومنشأ هذا التخبط هو قلة خبرة من تسنموا دفة قيادة الوزارة ولا نجافي الحقيقة أنها كانت جزء من إدارة فوضوية آنية غير مستندة لأي فكر ستراتيجي وحتى عقود جولات التراخيص فهي لم تكن ضمن إطار مخطط له لتطوير قطاع الطاقة العراقي ولو استعرضنا شخصيات وزراء النفط الذين تعاقبوا على منصب الوزير لبطل العجب فلم يكن الوزير الأول سوى ظل لإدارة أمريكية خالصه حتى تسنم الوزارة الدكتور إبراهيم بحر العلوم الذي كان معروف بتواضعه الجم ولكن قلة خبرته كوزير تنفيذي فالرجل لم يكن في يوما ما مديرا عاما فضلا عن أن يصبح وزيرا لوزارة بحجم وزارة النفط ثم جاء حسين الشهرستاني الذي نعتقد أنه كان ابعد ما يكون عن قطاع الطاقة فليس كل من يحمل شهادة هو خبير وناجح خصوصا أن الشهرستاني نظري وفقير علميا وعقدت الوزارة في عهدة وبإشراف منه عقود جولات التراخيص مثيرة للجدل والتي يبدوا انه لم يكن لديه أي تخطيط لما بعدها أو لمصر آلاف الموظفين العراقيين بعد أن اعطى كبرى الحقول النفطية لشركات أجنبية ثم جاء عبد الكريم لعيبي وهو لم يكن إلا يد الشهرستاني.. وطوال هذه الفترة كان الوضع قاتما لم تكن بوصلة وزارة النفط تشير الا للوراء.. وبعد ضغوط شعبية أجبرت القوى السياسيه أن تعهد بإدارة الوزارة للخبير جبار اللعيبي وهو مدير عام شركة نفط الجنوب منذ 2003 لغاية 2009 وقبلها مديرا عاما لهيأة المشاريع والتي تعرض فيها لحرب شعواء بسبب استقلاله ورفضه الانتماء البعث المهزوم.. إذا هو ابن الوزارة الشرعي والعالم بخفاياها. والرجل كانت منذ الأيام الأولى له بصمة واضحة عن الاتجاه الذي يرمي قيادة الوزارة له ولعل اول أهدافه إعادة ثقة العالم بقطاع صناعة النفط العراقي وتم تحقية متمثلا بكتب الشكر التي وجهتها منظمة أوبك له وهي المرة الأولى في تاريخ العراق أن يتسلم العراق كتب شكر من المنظمة ثم هدفه الثاني كان الارتقاء بأداء الوزارة إداريا وفنيا وقام في سبيل تحقيق هذا الهدف بتغييرات جوهرية بعيده كل البعد عن أي ميول شخصية أو حزبية ومازالت تلك التغييرات تترى.. اتجاه آخر سلوكه اللعيبي تمثل بتصحيح أسعار النفط بما يخدم البلد فكان أن بذل جهود مضنية أسهمت في أن يشهد سوق النفط العالمي صعودا مضطردا ثم استقرار عند الأسعار الحالية وهي أعلى من الأسعار المثبه في موازنة الدوله ولعل سائل يسأل أن كان جبار اللعيبي غير مقتنع أو غير راض عن عقود التراخيص فلماذا لا يقوم بالغائها وهو الآن الرجل الأول في الوزارة وهنا وببساطة نقول ان تلك العقود تتضمن شروط جزائية بمبالغ كبيرة جدا على أي طرف يرغب بانهائها أن يدفعها للطرف الآخر وهذا أمر قانوني لذا لن يكون في مصلحة العراق إنهاء هذه العقود مطلقا.. كما أن الوزير ولايمانه أن الاستقرار في مناطق الحقول أمر مهم لزيادة الإنتاج فقد عرض عدة مرات رؤيته لحل المشاكل مع إقليم كردستان وحتى في الجنوب حاول استقطاب أهالي المناطق المتاخمة للحقول كايادي عامله لتوفير الأمن للعاملين في تلك المناطق ونجح في ذلك إلى حد كبير جدا لذا فالوزارة عزفت التخطيط الاستراتيجي لأول مرة في فترة استيزار جبار اللعيبي رغم أن تلك الفترة لم تتجاوز السنه تقريبا وأن بوصلة الوزارة تشير إلى الأمام دائما بما يبشر بخير قادم ولعل تجربة استيزار وزير من رحم الوزارة ينبغي أن تعمم على كل مفاصل الدولة لأن سياسة الأب المفروض والجاهز لم ولن تجدي نفعا ولم تقدم للعراق الا الفقر والتخلف والفساد فما يميز وزارة النفط في الوقت الحالي أن الوزير جبار اللعيبي يحاول توظيف خبراته في تطوير عمل الوزارة عن طريق محاولته تشكيل فريق متجانس قائم على تقارب الرؤى والأهداف وليس على الولاءات الشخصية التي تنتهي في أول مطب تواجهه لذا هنا يبرز دور العامل الوطني لشخص الوزير القائد وليس شخص الرئيس الذي كانت تخضع له وزارة النفط سابقا