اراء و أفكـار

فرصة للسلام

قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأجيل نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى مدينة القدس المحتلة لأنه يريد أن «يعطي فرصة للسلام قبل أن يفكر في نقل السفارة».
ترامب يؤجل نقل السفارة ولا يلغيه، فهو «سيقوم باتخاذ قرار في المستقبل غير البعيد» على حد قوله.
وكان ترامب وقع في يونيو (حزيران) الماضي أمراً مؤقتاً لإبقاء السفارة الأمريكية في «تل أبيب» برغم تعهده خلال حملته الانتخابية بنقلها إلى القدس. وكان كل الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه قد أرجأوا عملية النقل لأنها تعني الاعتراف بشرعية الاحتلال للمدينة بما يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية، ويهدد الأمن والسلام في المنطقة، ويعرض المصالح الأمريكية للخطر.
لعل الإدارات الأمريكية المتعاقبة تعي خطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة الخطرة، بما تشكله من رضوخ للوبي الصهيوني وإعلان العداء للعرب والمسلمين، وانتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني وأبسط الحقوق الإنسانية.
ترامب يقول «إذا أمكننا تحقيق السلام بين الفلسطينيين و«إسرائيل» فأعتقد أن ذلك سيؤدي إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط في نهاية المطاف».
حسناً، لكن كيف الوصول إلى هذا الهدف؟ رؤساء أمريكيون كثيرون جربوا وفشلوا، ليس بسبب العرب أو الجانب الفلسطيني، إنما لأن الجانب «الإسرائيلي» يصر على سياساته العنصرية التوسعية والاستيطانية ويرفض الاعتراف بالحقوق الفلسطينية. كما قدم العرب أقصى ما يمكن أن يقدموه لتحقيق السلام من خلال المبادرة العربية التي أعلنت في قمة بيروت العام 2002 والتي تقوم على مبدأ «الأرض مقابل السلام»، إلا أن «إسرائيل» تعاطت مع هذه المبادرة بلامبالاة، بل إن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» آنذاك آرييل شارون رد على المبادرة بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت فيه.
ماذا بعد؟ يبدو أن ترامب متفائل كثيراً بقدرته على تحقيق السلام، إلا إذا كان يقصد الوصول إلى هذا الهدف على حساب الحقوق الفلسطينية ووفق الشروط «الإسرائيلية» التي حددها نتنياهو أكثر من مرة، وهي لا انسحاب من الأرض المحتلة ومدينة القدس «وسنبقى فيها إلى الأبد»، ولا تراجع عن الاستيطان بل توسيعه، ورفضه قيام الدولة الفلسطينية لا على حدود العام 1967 ولا على غيرها.
يمكن للرئيس ترامب أن يحقق السلام إذا تمكن من الضغط على «إسرائيل» وحملها بالقوة على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية، وغير ذلك فهو يحرث في البحر.
لعل ترامب يستطيع الاستعانة بخبرة وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري في تعامله مع «إسرائيل» كوسيط من العام 2013 إلى العام 2015، وربما يستفيد من تجربته المريرة مع حكومة نتنياهو العنصرية اليمينية التي وصفها كيري أمام منتدى سابان التابع لمعهد بروكينغز مطلع العام الحالي بأنها «لا تريد السلام»، أضاف «لا يمكنني أن أتقبل فكرة أن المستوطنات لا تؤثر في عملية السلام.. إنهم يؤمنون ب «إسرائيل الكبرى» ويبتغون عرقلة السلام لأنهم يريدون أن تعود ملكية مستوطنات الضفة الغربية إلى «إسرائيل».
..وبعد، ترامب يريد أن يعطي فرصة للسلام قبل أن يتخذ قراره الأخير بشأن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.. فليجرب»!

نقلا عن الخليج

مقالات ذات صلة