اراء و أفكـار

الرد على نتنياهو

عندما يعلن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو معارضته للمصالحة الفلسطينية ويحدد شروطه المستحيلة للقبول بها، مثل اعتراف حركة حماس بالدولة اليهودية وحل جناحها العسكري، فهذا يعني أنه سوف يعرقل المصالحة وسيواصل فرض الحصار على قطاع غزة، ويجرّد الشعب الفلسطيني من أية قوة، وهو بذلك يضع العربة أمام الحصان، بمعنى أنه يريد الحصول على كل شيء مسبقاً من دون أن يقدّم شيئاً.
نحن في الواقع أمام جدار سميك من محاولات «إسرائيلية» لفرض أمر واقع لا يمكن اختراقه، حيث يريد نتنياهو من الفلسطينيين أن يتنازلوا عن كل حقوقهم الوطنية التي تؤكدها الشرعية الدولية من دون أن يعترف لهم بحق إقامة دولتهم المستقلة، أو بالقدس عاصمة لهم، أو بحق العودة. كل هذه الحقوق لا تعني نتنياهو، لأنه في الأساس لا يعترف بها، ويعتبر أن الضفة الغربية هي جزء من «إسرائيل»، وأن القدس هي «العاصمة الأبدية للدولة اليهودية»، وأن المستوطنات التي يزرعها في القدس وكل أرجاء الضفة هي امتداد «لدولته»، ولن يتخلى عنها أبداً.
إذاً، المصالحة الفلسطينية التي انطلقت مسيرتها بين حركتي «فتح» و«حماس» برعاية مصرية، حيث بدأت الحكومة الفلسطينية مهمتها في القطاع، تواجه تحدّياً جديداً على ضوء هذا الموقف «الإسرائيلي»، إذ إن الاكتفاء بتبويس اللّحى وتكرار تجارب محاولات المصالحة الماضية، سوف يوفر لنتنياهو فرصة جديدة للمضي في جهوده لتصفية القضية الفلسطينية. لذا فالمطلوب، فلسطينياً، وضع قواعد جديدة للمصالحة تقوم على الثوابت الفلسطينية، وعلى برنامج وطني نضالي يجمع حوله كل الحركات والفصائل الفلسطينية، مدعوماً بشعب فلسطيني ملتزم بقضيته، وعلى استعداد للمضي على طريق النضال وبمختلف أشكال المقاومة حتى يحقق أهدافه، مهما بلغت التضحيات.
تمرّ القضيّة الفلسطينية حالياً بأصعب الظروف، داخلياً وعربياً ودولياً، حيث تواجه هجمة لم يسبق لها مثيل لتصفيتها ووأد نضالات وتضحيات، قدّمت على مدى سنوات الصراع، سقط خلالها مئات ألوف الشهداء من الفلسطينيين والمصريين والسوريين واللبنانيين والأردنيين، وعرب آخرين في حروب ممتدة منذ وجود «إسرائيل» حتى الآن، وفي اعتداءات لم تنقطع على الأرض العربية التي تعرّض بعضها للاحتلال ولا يزال.
كي لا تذهب هذه التضحيات هدراً، وكي لا يتم احتساب هؤلاء الشهداء أنهم سقطوا خطأ، وكي لا يتم التخلّي عن القضية وحقوق أهلها، المطلوب أن تشكّل المصالحة الفلسطينية رافعة لنقلة جديدة في مسيرة النضال الفلسطيني المشترك، للرد على نتنياهو وأمثاله، وعلى أي محاولة تستهدف تصفية القضية.

“الخليج”

مقالات ذات صلة