اراء و أفكـار

الإرهاب يهدّد العالم

العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف أحد المهرجانات الموسيقية في لاس فيجاس بالولايات المتحدة يوم أمس، كشف عن حقيقة ثابتة، مضمونها أن الإرهاب صار يتمدّد ومخاطره باتت تشكّل هاجساً لكل دول العالم، بعدما تعرّض المحتفلون، وعددهم بالآلاف، لإطلاق نار، حيث عمد المهاجم إلى إطلاق الرصاص عليهم بشكل عشوائي، ما أسفر عن مقتل أكثر من 58 شخصاً؛ فيما تجاوز عدد الجرحى ال400، حالة العشرات منهم حرجة، وفق بيانات شرطة المدينة.
كغيرها من سلطات العالم المختلفة، نفذت السلطات الأمريكية إجراءات وقائية سريعة لمنع وقوع تداعيات إضافية للحادث، الذي داهم المحتفلين في المهرجان، الذين تدافعوا للهرب من الموقع للنجاة بأنفسهم، ما أدى إلى سقوط هذا العدد من القتلى والجرحى، وهو عدد ليس بالقليل، الأمر الذي وضع السلطات الأمنية في لاس فيجاس في وضع استنفاري كبير، تحسباً لوقوع مزيد من العمليات الإضافية.
هذا العمل الإرهابي مدان بكل المعايير الإنسانية والإخلاقية والدينية وهو يؤشر إلى مدى الخطر الذي يهدد العالم جراء هذا الوباء الخبيث. ومن هذا المنطلق سارعت دولة الإمارات لاستنكاره مؤكدة موقفها الثابت في إدانة مختلف أشكال العنف والإرهاب، داعية المجتمع الدولي إلى التكاتف من أجل اجتثاث هذه الآفة الخطيرة من جذورها، وتقديم مواساتها للشعب والحكومة الأمريكية ؛ حيث أعلن الرئيس دونالد ترامب تنكيس الأعلام حدادا، معتبرا ما جرى «عملية شريرة للغاية».
خلال متابعة العمليات الإرهابية، التي تقع في مناطق مختلفة من العالم، تتزايد القناعة بأن الإرهاب ليس بالضرورة أن يكون دينيا، انما قد يتخذ أي شكل أخر ، عنصري او قومي أو فوضوي ، وهو أيضا لم يعد يشكّل تهديداً لدولة معينة، صغيرة كانت أم كبيرة، ولم تعد هناك دولة بعينها بعيدة عن مرمى نيران الإرهاب، فالكل صار مستهدفاً، وبالتالي فإن الكل بات معنياً بمحاربته ومحاصرته، والقضاء على منابعه وتجفيفها قدر الإمكان.
الإرهاب صار يضرب في كل مكان، وفي وقت تحاول الدول الصغيرة محاربته بإمكاناتها المتواضعة؛ فإن الدور الأكبر يقع على عاتق الدول الكبرى في ملاحقة مروجي العنف والكراهية والتطرف.
تتصاعد الأسئلة حول القدرة على كبح جماح الإرهاب في العالم، الذي صار يتفشى وخطره يتمدد في كل مكان، وهل الإجراءات التي تتخذها مختلف الدول في الوقت الحاضر كافية لمنع وقوع العمليات الإرهابية، خاصة أن بعضاً من هذه الدول لا تزال تتعاطى مع هذه العمليات وكأنها قادمة من خارج الحدود، مع أن الخطر يأتي من داخلها، وبالتالي عليها البحث عن ترميم التصدّعات التي تعانيها مجتمعاتها، ومعالجتها بشكل يحمي العالم كله من خطر الإرهاب.
هناك قضايا تحتاج من الدول الكبرى إعادة النظر فيها بشكل جدّي، حتى لا تمنح الإرهابيين أوراقاً بأيديهم، تكون سبباً في ارتكاب عملياتهم الإجرامية. فالإرهاب لا يعرف حدوداً، وكثير من الذين ينفّذون هذه العمليات يعتقدون أنهم يقومون به وفق أوامر إلهية، الذين لا يدركون أنهم مجرد أدوات في أيدي أطراف، تستهدف تمزيق المجتمعات الصغيرة والكبيرة على السواء، وهو ما نشاهده اليوم من أعمال عنف في مختلف مناطق العالم، وليست آخرها الولايات المتحدة، تماماً كما يتم استهداف أوروبا والعالم العربي، الذي يعيش حالة من التشرذم لم يعشه من قبل.

نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة