الوضع الاقتصادي سيىء، وتكرار اساليب الماضي لن تنفع
بسم الله الرحمن الرحيم
مهما بذلنا من جهود، وصرفنا من اموال، ووضعنا من خطط لاصلاح الاقتصاد وتنمية البلاد والتغلب على البطالة فاننا لن ننجح ما دام المفهوم المهيمن هو ان الاقتصاد هو مجرد الحصول على القطع الاجنبي سواء عن طريق بيع النفط، او عن طريق الاقتراض ليتم بها تنظيم موازنة الدولة، التي توزع المداخيل للموظفين، وتصرفها في نفقاتها التشغيلية والاستثمارية، والتي ستحرك التجارة والمقاولات والنشاطات الاقتصادية خصوصاً الصغيرة والمتوسطة والتي ستعتمد معظمها على نفقات الدولة. فهذه الدورة بكل مبانيها ونتائجها هي التوصيفة الدقيقة للاقتصاديات التابعة، وفي اغلب الاحيان المتخلفة، حتى وان حصل المواطنون على مستويات دخل جيدة او حتى مرتفعة، مما يجعل اقتصادياتها هشة وضعيفة، والتي يمكن ان تنهار مع اول ازمة او تقلب في الاسواق العالمية.
فهذه الدورة تعني التبعية الكاملة للخارج واستيراد حاجيات البلاد منه.. وتعني اقتصاد احادي وهيمنة الدولة عليه في سياسات التنمية والتشغيل. وما لم نحرر انفسنا من هذه النظرة فاننا سنبقى ندور في دوائر مغلقة ليس الا. فما ان تتأثر مصادر الحصول على القطع الاجنبي (الدولار في حالتنا) فستتأثر الموازنة ويتأثر الانفاق العام وتتراجع النشاطات والتوظيفات والاعمال، وتظهر كل المؤشرات السلبية بانخفاض المداخيل وازدياد الديون وتراجع الاحتياطات النقدية وارتفاع معدلات البطالة، وهذه بعض الارقام للاشارة الى حراجة الاوضاع الاقتصادية، والى خطورة استمرار ذات الفلسفة الاقتصادية التي لن تنفع الاجراءات والاصلاحات داخلها ما لم تتغير المعادلة باتجاه تحرير الاقتصاد من مفهوم القطع الاجنبي وتوفير عملة للموازنة، لتنطلق القطاعات الحقيقية والتي تصنع عملتها، بما فيها القطع الاجنبي، وثرواتها بما فيها اموال الموازنة عن طريق تنوع المصادر. والارقام ادناه تمثل مقارنة بين 2013 قبل انهيار اسعار النفط، و2016 بعد هبوط الاسعار، اعتماداً على مصادر رسمية عراقية وصندوق النقد:
1- تراجع الناتج الوطني الاجمالي من 234.6 في (2013) الى 171.7 مليار دولار في (2016) ومعدل دخل الفرد من 7021 الى 4533 دولار. والبطالة من 15.1% الى 16% من قوة العمل المسجلة.
2- بين (2013) و (2016)، تراجع احتياطات البنك المركزي من 77.8 الى 45.2 مليار دولار، ونسبة تغطيتها للاستيراد من 10.8 شهراً الى 6.7 شهراً.. وتراجع انواع العملة التي تصنعها الاعمال والنشاطات الاقتصادية كالصكوك والكمبيالات والعملة الرمزية والالكترونية او ما يسمى بـ Broad Money من 15.9% من الناتج الوطني الاجمالي الى 7.2%.
3- كنسب من الناتج الوطني الاجمالي وبين (2013) و(2016)، تراجع الاستثمار المحلي من 26.9% الى 20.6%، وارتفع الاستهلاك المحلي من 69.5% الى 87.8%.. وانخفض الادخار من 28.1% الى 11.9%، والميزان الاستثماري من +1.1% الى -8.7%. والمعلوم ان الميزان الاستثماري هو ميزان الادخار والاستثمار والذي نحصل عليه من: الدخل الوطني الاجمالي=الاستهلاك الوطني+الادخار الوطني+النفقات الحكومية+(الصادرات-الواردات).. أي Y=C+I+G+ (EX-IM).
4- ارتفاع الديون من 73.1 مليار دولار الى 114.6، وتمثل الخارجية منها 59.3 مليار في (2013) ليرتفع الى 67.5 في (2016).
5- كنسب من الناتج الوطني الاجمالي، وبين (2013) و(2016)، انخفاض الصادرات من 38.3% الى 29.1%، وارتفاع الاستيرادات من ناقص 28.4% الى ناقص 30.9%، و”الحساب الجاري” (Current Balance) والذي هو الصادرات ناقصاً الواردات، من +1.1% الى -8.7%.
هذه بعض المؤشرات، ولن تتحسن ان لم تتراجع في أهمها، حسب الترقبات واستمرار انخفاض اسعار النفط خلال السنوات القادمة وازدياد عدد السكان والمتطلبات.. مما سيعني ازدياد معدلات الفقر والبطالة والجمود الاقتصادي وازدياد الفساد. وهو امر يجب ان يولى اهمية قصوى لا تقل عن اهمية محاربة “داعش”، وان تتغير الفلسفة الاقتصادية كلياً كما تغيرت الفلسفة الامنية والتي حولت الهزائم الى انتصارات.
عادل عبد المهدي