تداعيات «أستانا -6»
نجح اجتماع «أستانا- 6» بشأن الأزمة السورية في إحداث اختراق جديد بإنشاء منطقة «خفض توتر» في محافظة إدلب، وبذلك انضمت إلى مناطق خفض التوتر السابقة في الغوطة الشرقية وأجزاء من محافظات حمص وحماه واللاذقية، إضافة إلى أجزاء من جنوب سوريا. الاتفاق يرسم حدوداً في إدلب بين «المعارضة المعتدلة» و«جبهة النصرة» لمنع الحوادث بين المعارضة وقوات النظام وتعزيز إمكانات العمل المشترك لمكافحة الإرهاب المتمثل ب«داعش» و«جبهة النصرة».
الاتفاق ينص على إنشاء مركز مشترك روسي-تركي -إيراني لتنسيق أنشطة قوات مراقبة خفض التوتر، أي أن الدول الثلاث هي الضامنة للاتفاق وقد يصار إلى الاستعانة بقوات مراقبة من دول أخرى في إطار توسيع الجهود لضمان نجاح الاتفاق، والدفع باتجاه الحل السياسي من خلال مؤتمر جنيف المقرر خلال الشهر المقبل.
هناك قضية إنسانية لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها وتتعلق بملف المعتقلين والمفقودين، وهم بالآلاف لدى مختلف القوى المتحاربة؛ إذ كان الاتفاق بشأنها أن يعزز عوامل الثقة ويحفز على مزيد من التقدم في ملف الحل السياسي إضافة إلى انعكاساتها الإيجابية على الصعيد الشعبي، باعتبارها قضية إنسانية تهم آلاف السوريين.
كل الذين شاركوا في محادثات أستانا، أشادوا بالنتائج التي تحققت باعتبارها «تسهم في تقدم الحوار في مسار جنيف، وتسرع النجاح في ساحات القتال» ضد الإرهاب، وهو ما أشار إليه أيضاً المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الذي شارك في محادثات أستانا بقوله «ليس هناك حل عسكري لذا يجب الاستفادة من تقدم المفاوضات في أستانا».
نجاح المحادثات بإنشاء منطقة «خفض التوتر في إدلب، يفتح الباب أمام تطور ميداني متوقع ضد «جبهة النصرة» التي حولت المحافظة إلى معقل أساسي لها ولحلفائها يضم الآف المقاتلين، والتي ستكون هدفاً للقوى النظامية والدول الضامنة للاتفاق بعد تحقيق الفصل بينها وبين المعارضة المعتدلة، وهذا يمثل اختباراً حقيقياً للدول الضامنة وخصوصاً تركيا التي عليها أن تحدد موقفاً حاسماً من «جبهة النصرة» التي تحظى برعايتها منذ فترة طويلة.
إن معركة إدلب المرتقبة سوف تكون بأهمية معركتي حلب ودير الزور في إطار الحرب على التنظيمات الإرهابية بما يضمن استعادة كل الجغرافيا السورية ويسهل التوصل إلى حل سياسي بمشاركة كل القوى الفاعلة على الساحة السورية التي تؤمن بالحل السياسي.
هناك مؤشرات على انشقاقات داخل «جبهة النصرة» بين قيادات فاعلة ومجموعات عسكرية انضمت إليها خلال الأشهر القليلة الماضية ما يؤدي إلى مواجهات فيما بينها، وبما يسهل مهمة المواجهة الحاسمة معها بالتوازي مع المعارك الدائرة مع «داعش» في البادية والشرق السوري.
نقلا عن “الخليج “