اراء و أفكـار

إلى «أستانا 6»

تستأنف مفاوضات «أستانا 6» في عاصمة كازاخستان في الرابع والخامس عشر من الشهر الحالي، وعلى جدول أعمالها توسيع مناطق «خفض التوتر» في المناطق السورية، من دون أن يشمل ذلك المناطق الخاضعة لإرهابيي «داعش»، و«جبهة النصرة».
الهدف هو تمهيد الأرضية لاجتماعات جنيف التي من المفترض أن تستكمل بحث الملفات السياسية والدستورية للوصول إلى تسوية تؤدي إلى مرحلة انتقالية يتم الاتفاق عليها بين النظام، وأطراف المعارضة.
وتمهيداً لمفاوضات أستانا، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف جولة إقليمية لتسهيل المفاوضات التي تشارك فيها روسيا وتركيا وإيران، وكذلك كازاخستان باعتبارها الدولة المضيفة، كما جرت سلسلة محادثات بين تركيا وإيران لتذليل خلافات بينهما حول آليات ووسائل ضبط مناطق خفض التوتر التي تتواجد فيها قوى حليفة للطرفين.
ويبدو أن الأطراف الراعية لمفاوضات أستانا حققت نجاحاً في تدوير الزوايا للخروج بنتائج إيجابية، وتم تكليف الجانب التركي بأن يمثل دولاً إقليمية فاعلة لا تشارك في هذه المفاوضات لإعطائها زخماً إضافياً، بعد أن أعلنت هذه الدول تأييدها للمفاوضات، واستعدادها لتقديم التسهيلات اللازمة.

تعقد مفاوضات أستانا الجديدة استناداً إلى نجاح العمل في مناطق خفض التوتر التي تم الاتفاق عليها في جولات سابقة في الشمال والجنوب، وأرياف دمشق، ما يعطي دفعاً للمفاوضات الجديدة، خصوصاً أن الفرصة متاحة الآن لإقناع المعارضة المسلحة بالتخلي عن مواقف سابقة متشنجة لم تعد تصلح للمرحلة الراهنة، بعدما بدأت المساحات التي كانت تسيطر عليها تتقلص، في حين تسجل قوات النظام نجاحات ملموسة في أكثر من منطقة، إضافة إلى أن التأييد والدعم العسكري والمادي الإقليمي والدولي لهذه المعارضة بات شحيحاً، أو معدوماً. ولعل الطلب الأمريكي لإحدى المجموعات الحليفة في البادية بالتوقف عن مقاتلة الجيش السوري، والتفرغ لمقاتلة «داعش» دليل على تحول في مجرى الصراع في سوريا، وتبدل في المواقف السابقة تجاه النظام السوري، وآخرها الموقف الفرنسي من مسألة بقاء الرئيس الأسد، وكذلك الموقف البريطاني المماثل. يعزز هذه المواقف ما صدر عن سفير الولايات المتحدة السابق في سوريا، روبرت فورد، في حديث نشر مؤخراً بأن «الأسد انتصر، وسيبقى في السلطة، وهو أمر واقع جديد يجب أن نقبله».
إذاً، هناك تغيير واقعي في ميدان السياسة والحرب على الساحة السورية بدأ يفرض نفسه، ولا بد أن ينعكس في مفاوضات أستانا خلال الشهر الحالي، ولاحقاً في جنيف، ما يستدعي من كل الأطراف السورية مراجعة حساباتها.
نقلا عن “الخليج”

مقالات ذات صلة